472

طلبت ذكرا.

( محررا ) معتقا لخدمته ، لا يد لي عليه ، ولا أستخدمه ، ولا أشغله بشيء ، أو مخلصا للعبادة. ونصبه على الحال.

روي عن الصادق عليه السلام : «أن الله عز وجل أوحى إلى عمران أني واهب لك ولدا مباركا يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى بإذن الله ، فحملت حنة ، فقالت : ( رب إني نذرت لك ما في بطني محررا )».

( فتقبل مني ) ما نذرته قبول رضا ( إنك أنت السميع ) بما أقول ( العليم ) بما أنوي.

( فلما وضعتها ) وكانت ترجو أن يكون غلاما ، خجلت واستحيت منكسة الرأس ( قالت رب إني وضعتها ) حال كونها ( أنثى ) الضمير لما في بطنها ، وتأنيثه لأنه كان أنثى.

فإن قلت : كيف جاز انتصاب «أنثى» حالا من الضمير في «وضعتها» وهو كقولك : وضعت الأنثى أنثى؟

قلت : الأصل : وضعته أنثى ، وإنما أنث لأن تأنيثها علم من الحال ، فإن الحال وصاحبها بالذات واحد ، أو على تأويل مؤنث ، كالنفس والحبلة. وإنما قالته تحسرا وتحزنا إلى ربها ، لأنها كانت ترجو أن تلد ذكرا ، ولذلك نذرت تحريره.

وقال الله تعالى في جوابها : ( والله أعلم بما وضعت ) أي : بالشيء الذي وضعته. وهو استئناف من الله تعالى ، تعظيما لموضوعها ، وتجهيلا لها بشأنها. وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب : وضعت ، على أنه من كلامها تسلية لنفسها. ورويت هذه الرواية عن علي عليه السلام ، أي : ولعل هذه الأنثى خير من الذكر تسلية.

( وليس الذكر كالأنثى ) بيان لقوله : «والله أعلم» أي : وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وهبت. واللام فيهما للعهد. ويجوز أن يكون من قولها بمعنى :

صفحة ٤٧٧