( قال كم لبثت ) القائل هو الله تعالى ، بأن خلق الصوت في الهواء ، فسمع نداء في السماء. وساغ أن يكلمه وإن كان كافرا ، لأنه آمن بعد البعث أو شارف الإيمان. وقيل : ملك أو نبي.
( قال ) قبل النظر إلى الشمس ( لبثت يوما ) ثم التفت فرأي بقية من الشمس فقال : ( أو بعض يوم ) على الإضراب. وقيل : يقول هذا في الجواب كقول الظان. ( قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ) لم تغيره السنون ، فإن الشيء يتغير بمرور الزمان عليه. واشتقاقه من السنة. والهاء أصلية إن قدرت لام السنة هاء ، وهاء سكت إن قدرت واوا ، واشتقاقه من السنوة. وقيل : أصله لم يتسنن ، من الحمأ المسنون ، فأبدلت النون الثالثة حرف علة ، ك : «تقضى البازي» ، أي : تقضض. وإنما أفرد الضمير لأن الطعام والشراب كالجنس الواحد.
وروي أن طعامه كان تينا وعنبا ، وشرابه عصيرا ولبنا ، فوجد التين والعنب كما جنيا ، والشراب على حاله.
( وانظر إلى حمارك ) كيف تفرقت عظامه. وكان له حمار قد ربطه. ويجوز أن يكون المراد : انظر إليه سالما في مكانه كما ربطته حفظناه بلا ماء وعلف ، كما حفظنا الطعام والشراب من التغير ، وذلك من أعظم الآيات. والأول أدل على الحال ، وأوفق لما بعده. ( ولنجعلك آية للناس ) أي : وفعلنا ذلك لنجعلك آية للناس. يريد : إحياءه بعد الموت ، وحفظ طعامه وشرابه.
روي أنه أتى قومه راكبا على حماره وقال : أنا عزير ، فكذبوه ، فقرأ التوراة من الحفظ ولم يحفظها أحد قبله وهم ينظرون في الكتاب ، فكانت قراءته موافقة لما في الكتاب حرفا بحرف ، فقالوا : هو ابن الله.
وقيل : لما رجع إلى منزله كان شابا وأولاده شيوخا ، فإذا حدثهم بحديث
صفحة ٤١٣