329

( وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ) من قولك : أخذته بكذا ، إذا حملته عليه وألزمته إياه. يعني : حملته الأنفة وحمية الجاهلية على الإثم الذي يؤمر باتقائه لجاجا ( فحسبه جهنم ) كفته جزاء وعذابا. وجهنم علم لدار العقاب ، وهو في الأصل مرادف للنار ( ولبئس المهاد ) جواب قسم مقدر ، والمخصوص محذوف ، للعلم به. و «المهاد» : الفراش. وقيل : ما يوطأ للجنب.

وفي هذه الآية دلالة على أن من تكبر عن قبول الحق إذا دعي إليه كان مرتكبا أعظم كبيرة ، ولذلك قال ابن مسعود : إن من الذنوب التي لا تغفر أن يقال للرجل : اتق الله ، فيقول : عليك نفسك.

( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد (207))

ثم عاد سبحانه إلى وصف المؤمن الآمر بالمعروف في قوله : «وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة» فقال : ( ومن الناس من يشري نفسه ) يبيعها ، أي : يبذلها في الجهاد ، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى يقتل ( ابتغاء مرضات الله ) لابتغاء مرضاته وطلب رضوانه. وإنما أطلق عليه اسم البيع لأنه إنما فعله لطلب رضا الله ، كما أن البائع يطلب الثمن بالمبيع.

روي السدي ، عن ابن عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام حين هرب النبي صلى الله عليه وآلهوسلم من المشركين إلى الغار ، ونام علي عليه السلام على فراش النبي صلى الله عليه وآلهوسلم ، ونزلت هذه الآية بين مكة والمدينة. وهذه الرواية رواها الثعلبي أيضا في تفسيره.

وروي أنه لما نام على فراشه قام جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبرئيل ينادي : بخ بخ ، ومن مثلك يا ابن أبي طالب؟!

وعن عكرمة : نزلت في أبي ذر الغفاري ، لأن أهل أبي ذر أخذوا أبا ذر

صفحة ٣٣٤