178

( وإن يأتوكم أسارى ) من غير ملتكم ، أي : وأنتم مع قتلكم من تقتلون من فريقكم إذا وجدتم أسيرا من الأسارى في أيدي غيركم من أعدائكم. ( تفادوهم ).

روي أن قريظة كانوا حلفاء الأوس والنضير حلفاء الخزرج ، فإذا اقتتلا عاون كل فريق حلفاءه في القتل وتخريب الديار وإجلاء أهلها ، وإذا أسر أحد الفريقين جمعوا له حتى يفدوه بعد تقضي الحرب ، تصديقا لما في التوراة ، والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان ، لا يعرفون جنة ولا نارا ، ولا قيامة ولا كتابا ، فوبخ الله هؤلاء اليهود بما فعلوا.

وقيل : معناه : إن يأتوكم أسارى في أيدي الشياطين تتصدوا لإنقاذهم بالإرشاد والوعظ مع تضييعكم أنفسكم ، كقوله : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) (1).

وقرأ حمزة : أسرى. وهو جمع أسير ، كجرحى وجريح ، وأسارى جمعه ، كسكرى وسكارى ، وقيل : هو أيضا جمع أسير.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وابن عامر : تفدوهم ، وغيرهم تفادوهم ، لأن الفعل بين الاثنين.

( وهو محرم عليكم إخراجهم ) متعلق بقوله : ( وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ) وما بينهما اعتراض. والضمير للشأن ، أو مبهم تفسيره : إخراجهم ، أو راجع إلى ما دل عليه «تخرجون» من المصدر. و «إخراجهم» بدل أو بيان.

والمعنى : وإخراجكموهم من ديارهم حرام عليكم ، كما أن تركهم أسرى في أيدي عدوهم حرام عليكم ، فكيف تستجيزون قتلهم ولا تستجيزون ترك فدائهم من عدوهم ، وهما جميعا في الحكم لازم عليكم؟! ( أفتؤمنون ببعض الكتاب ) أي : بالفداء ( وتكفرون ببعض ) أي : بحرمة

صفحة ١٨٣