الغلام وخرقه السفينة.
ومتى قيل : كيف كان يجتمع ذلك الماء الكثير في ذلك الحجر الصغير؟
قلنا : إن ذلك من آيات الله الباهرة والأعاجيب الظاهرة ، الدالة على أنها من فعل الله تعالى ، المنشئ للأشياء ، القادر على ما يشاء ، فلا بدع من كمال قدرته وجلال عزته أن يبدع خلق المياه الكثيرة ابتداء ، معجزة لموسى ، ونعمة عليه وعلى قومه. ومن استبعد ذلك من الملاحدة الذين لم يقدروا الله حق قدره ، فالكلام. عليهم إنما يكون في وجود الصانع وإثبات صفاته واتساع مقدوراته ، ولا معنى للتشاغل بالكلام معهم في الفرع مع الخلاف في الأصل.
وقال في أنوار التنزيل في هذا الموضع : «ومن أنكر أمثال هذه المعجزات فلغاية جهله بالله ، وقلة تدبره في عجائب صنعه ، فإنه لما أمكن أن يكون من الأحجار ما يحلق الشعر وينفر عن الخل ويجذب الحديد ، لم يمتنع أن يخلق الله حجرا يسخره لجذب الماء من تحت الأرض ، أو لجذب الهواء من الجوانب ، ويصيره ماء بقوة التبريد ، ونحو ذلك» (1).
( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤ بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (61))
صفحة ١٥٧