المنصور سيف و الدين قلاوون رحمه الله عما اتفق له وللملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري حين كانا في هذا الوقت على صورة من القلة والتشتيت والتنقل من مكان إلى مكان والوجل وعدم الاستقرار وكونهم لا تمكنهم الاقامة بدار فان الملك الناصر مجد في طلبهم والمغيث عامل على قبضهم والمظفر بمصر لا يركن اليهم قال عزمنا نحن في هذه المشقة على زيارة الشيخ على البكاء نفع الله به، وهو يومئذ مقيم بزاويته بالخليل على ساكنه السلام فأعوزني القوت يوما من الأيام فصادفت انسانا مجتازا بشيء من الطعام فطلبت منه ما آكله لضرورة الجوع فامتنع من العطاء فحملني الغيظ على أن ضربته ضربة فرطت عن خطاء فكانت فيها منيته وبها ميتته فندمت أشد الندم وقلت لقد كان الجوع والعدم خيرا من سفك الدم ثم انا مضينا إلى الشيخ فلما: دخلنا عليه سلم على الأمير ركن الدين وصافحه ودنوت اليه لأسلم عليه فنفر مني وزوي وجهه عني وقال هذا يتجرأ على قتل النفس التي حرم الله فأعجبت بكشفه واطلاعه وانقباضه من مصافحتى وامتناعه فتلطف الأمير ركن الدين في سؤاله والتماس و اقباله فسمح بجلوسي وابتدأ بتأنيسي ولما قمنا لنودعه صافح الأمير ركن الدين بيبرس ودعا له وقال أنت رائح الي ديار مصر وسيصير اليك ملكها فاجتهد في فعل الخير ثم تقدمت اليه بعده فصافحني وقال لي كما قال له فتعجبنا من قوله لنا هذا المقال ونحن على تلك الحال فدارت الأهلة دورها وتقلبت كورها وحورها وتملك الأمير ركن الدين بيبرس ولقب الملك الظاهر وأقام ما أقام وصار الملك إلى المخدوم تغمده الله برحمته ثم الى أهل بيته وذريته بقوة الله ومشيئته فكان ذلك من كرامات الأولياء ومكاشفات الأصفياء واطلاع العارفين على غيب الأشياء كما قيل:
ذكر أخذ هولاكو مدينة بغداد ومقتل الامام المستعصم بالله أمير المؤمنين في سنة ست وخمسين وستمائة
المقدمين الأكابر كو كل نوين والكان نوين وكتبغا نوين وهولاجو نوين و مركذيه نوين وصغون
صفحة ٣٥