معلوم أن الفلاح الذي هو النجاة من العذاب والوصول إلى الجنة واجب فيكون ما هو موقوف عليه وسبب له واجبا وذلك هو المطلوب.
والتقوى على ما نقل من أهل البيت عليهم السلام هو أن لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك، أي التقوى هو اجتناب جميع المنهيات وارتكاب جميع المأمورات.
والإيمان بالغيب، قيل هو التصديق بالغائب الغير المحسوس: وقيل بما غاب عن العباد علمه، وقيل بما جاء من عند الله، وقيل بجميع ما أوجبه الله تعالى أو ندب إليه وأباحه، وقيل بالقيامة والجنة والنار، وقيل هو التصديق بالقلب فالغيب هو القلب حينئذ.
واعلم أنه ينبغي هنا تحقيق الإيمان شرعا إذ يتوقف عليه أمور كثيرة فنقول:
لا شك أنه مطلق التصديق في اللغة، وأما في الشرع، فنقل في مجمع البيان أن المعتزلة قالوا بأجمعهم أن الإيمان هو فعل الطاعات فمنهم من اعتبر الفرائض والنوافل ومنهم من اعتبر الفرائض حسب، واعتبروا اجتناب الكبائر كلها وكأنه يريد بفعل الطاعات مجموع الأمور الثلاثة: اعتقاد الحق والإقرار به والعمل بمقتضاه، كما قال في الكشاف ونقل القاضي البيضاوي أنه مذهب المعتزلة وجمهور المحدثين و الخوارج فمن أخل بالاعتقاد فهو منافق ومن أخل بالإقرار فهو كافر ومن أخل بالعمل فهو فاسق عند الكل، وكافر عند الخوارج، وخارج عن الإيمان غير داخل في الكفر عند المعتزلة .
وأما دليلهم فليس مما يعتد به إلا أنه يفهم ذلك من كثير من الأخبار المذكورة في كتاب الإيمان والكفر من الكافي وغيره من الكتب المعتبرة من الأصحاب حيث يدل على دخول الأعمال فيه، وأن المؤمن يخرج عن الإيمان حين الفسق ثم إذا تاب يصير مؤمنا.
منها ما نقل في مجمع البيان قال: وروى العامة والخاصة عن علي بن موسى الرضا عليه السلام أن الإيمان هو التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالأركان
صفحة ٨