ليست بمخصوصة بمكان دون مكان، ويريد الله أن يدفع بذلك وهم من يتوهم عدم إمكان التوجه إلى جهة واحدة من جميع الأمكنة.
" إن الله واسع " الرحمة يريد التوسعة واليسر لعباده " عليم " بمصالحهم فإن المصلحة الحاصلة للصلاة في المساجد حاصلة لهم في أي مكان كان مع التولية وحصول سائر الشرايط، وليست هذه بمنسوخة ولا مخصوصة بحال الضرورة ولا بالنوافل مطلقا أو حال السفر كما يفهم من سائر التفاسير.
أما سبب النزول فقيل كان اليهود أنكروا تحويل القبلة إلى الكعبة عن بيت المقدس، وقيل نزلت في [صلاة] التطوع على الراحلة، حيث توجهت حال السفر قاله في مجمع البيان ثم قال: هذا مروي عن أئمتنا عليهم السلام روي عن جابر أنه قال:
بعث النبي صلى الله عليه وآله سرية (1) كنت فيها وأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقال طائفة منا قد عرفنا القبلة هي هنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا، قول بعضنا القبلة هي ههنا قبل الجنوب فخطوا خطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما رجعنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فسكت فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقيل كان للمسلمين التوجه حيث شاؤوا في صلاتهم، وفيه نزلت الآية ثم نسخت بقوله تعالى " فول " الآية ويفهم من رواية جابر أنه لا تجب الصلاة حال الحيرة إلى أكثر من جانب واحد ويكفي الظن إلى جهته، وإن لم يكن عن علامات شرعية وأن العلم قبل الفعل ليس بشرط بل إذا حصل الظن وفعل وكان موافقا لغرضه كان مجزيا لا يحتاج إلى الإعادة، كما يفهم من عبارات الأصحاب.
وأما الحكم المستفاد من الآية بناء على الأول فهو إباحة الصلاة في أي مكان كان، وعموم التوجه إلى المسجد الحرام، وأما على ما يستفاد من ظاهرها قبل التأمل فهو عدم اشتراط القبلة مطلقا ويقيد بحال الضرورة، أو النافلة على الراحلة سفرا لما مر، وغير ذلك، ويحتمل عموم النافلة فتأمل.
صفحة ٦٩