دائما لمن يصلي والذبح والاحتضار والدفن وللمستحبات من الجلوس والدعاء والانحراف في الخلا وغير ذلك، وليس من الأخبار الآن إلا خبر واحد في التهذيب (1) في نهاية ما يكون من ضعف السند فإنه قال عن الطاطري بغير واسطة عن جعفر بن سماعة عن علاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما الصلاة و السلام قال سألته عن القبلة قال: ضع الجدي على قفاك وصل، وطريقه إليه غير واضح، وهو ضعيف جدا على ما ذكروه وفي الطريق جعفر بن سماعة، وهو أيضا من الضعفاء وآخر في الفقيه (2) بغير إسناد قال رجل للصادق عليه الصلاة والسلام:
إني أكون في السفر ولا أهتدي للقبلة بالليل، فقال أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي؟ قلت: نعم، قال: اجعله على يمينك وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك، وهما مع ما في سندهما في غاية الاجمال كما ترى واستبعد من الحكيم العالم أن يكلف بمثل هذا التكليف الشاق بهذه الأدلة فقط.
وأما ما يدل على عدم الضيق فهو بعض الأخبار الصحيحة أيضا مثل قولهم عليهم الصلاة والسلام: بين المشرق والمغرب قبلة (3) كما يظهر من قوله تعالى: أيضا " ولله المشرق والمغرب " (4) الآية على الظاهر.
وإن كان السبب ترك الأدلة المفصلة تفويض أمر القبلة إلى علم الهيئة فعلى تقدير التسليم فذلك أيضا علم دقيق كثير المقدمات على ما يفهم من لسان أهله، ولا يمكن الوصول إلى التحقيق به إلا بمشقة كثيرة في زمان طويل، والتكليف به أيضا بعيد عن الشرع وقوانينه ولطفه، وكونه شريعة سهلة سمحة، والتفويض إلى تقليد أهل ذلك العلم أيضا بعيد، إذ تقليدهم مع عدم عدالتهم، ليس من قوانين الشرع، إذ الظاهر أنه لا بد من الانتهاء إلى قول بعض الحكماء الذي لا نعلم إسلامه فضلا عن العدالة وإن أمكن وجود من يعلم عدالته مع علمه به من غير أخذ ممن تقدم من الحكماء فهو نادر جدا.
صفحة ٦٦