بحيث ما لم تتحقق لم يجز لنا التوجه إلى القبلة، وهو أمر ظاهر.
ثم اعلم أنه قال في مجمع البيان ذكر أبو إسحاق الثعلبي عن كنانة (1) عن ابن عباس أنه قال: البيت كله قبلة، وقبلة البيت الباب، والبيت قبلة أهل المسجد، و المسجد قبلة أهل الحرم، والحرم قبلة أهل الأرض، وهذا موافق لما قاله أصحابنا أن الحرم قبلة من نأى عن الحرم من أهل الآفاق انتهى (2) لعله يريد بعض الأصحاب وهو الشيخ ومن تبعه وقد ضعفه المتأخرون إذ دليله بعض الروايات الغير الصحيحة، ويدل على كون القبلة هي البيت نفسه للقريب وجهته للبعيد أدلة صحيحة وإن كان في إفادتها تأمل إلا أنها تتم بضم أمور أخر، مع أنه يلزمه خروج الصف عن القبلة إذا زاد عن الحرم إلا أن يؤول بجهة الحرم، فيبقى النزاع في القريب حيث يجوز الشيخ مع قدرة التوجه إلى البيت التوجه إلى الحرم مع العلم بأنه غير موافق للبيت وكذا المسجد على أنه ينبغي أن يقول من خرج بدل من نأى وأيضا كون الباب فقط قبلة البيت غير واضح، ولا مطابق لكلام أصحابنا بل للأدلة أيضا، فكلام ابن عباس غير واضح، ولعل الإسناد إليه غير صحيح أو محمول على الأفضلية.
وأيضا إن أمر القبلة على ما أفهم من قلة أدلته مع اهتمام الشارع ببيان أحكام الشرع حتى مستحبات الخلا واسع جدا، وليس أمر القبلة يضيق بل فيه وسعة وقناعة بأدنى التوجه المناسب إلى جهة البيت كما يفهم من كلام بعض الأصحاب مثل المحقق الثاني من أنه لا بد من حصول زاويتين قائمتين من الخط الخارج من بين عيني المصلي الواصل إلى الخط الذي هو الجهة مع أنه ما بين الخط الجهتي وكلام الذكرى من أنه لا يجوز الانحراف ولو قليلا.
أما قلة الأدلة فظاهرة إذ الآية الكريمة في غاية الاجمال، إذ من يعرف أن نحو المسجد أين؟ مع أنه ورد في المدينة المشرفة، فإذا علم ذلك هناك ببيان مثلا فمن أين يفهم حال جميع الآفاق مع الاحتياج إليه للكل للصلاة ليلا ونهارا بل
صفحة ٦٥