مبتدءا بالتسمية فالتحميد، يكون مؤيدا أيضا. قال في الكشاف في بيان كون الباء للاستعانة: " إن المؤمن لما اعتقد أن الفعل لا يجيئ معتدا به في الشرع واقعا على السنة حتى يصدره باسم الله لقوله عليه السلام كل أمر ذي بال لم يبدء فيه باسم الله فهو أبتر و إلا كان فعلا كلا فعل، جعل فعله مفعولا باسم الله كما يفعل الكتب بالقلم ". وفي بيان كونها بمعنى المصاحبة: " هذا مقول على ألسنة العباد إلى قوله ومعناه تعليم عباده كيف يتبركون باسمه، وكيف يحمدونه " أي في أوائل فعلهم كما هو الظاهر من المقام والبيان. قال البيضاوي في رب العالمين أي مربيها دلالة على أن الممكن في بقائه محتاج إلى العلة كحال حدوثه، وليس بواضح، نعم في الحمد لله رب العالمين دلالة على كونه تعالى قادرا مختارا من وجهين (1) فيفهم كون العالم حادثا أيضا فافهم.
وفي قوله " الرحمن الرحيم " دلالة على العفو والصفح وفي قوله " مالك يوم الدين " دلالة على الترغيب والترهيب وإثبات القيامة والمعاد لأن المكلف إذا علم ذلك يرجو ويخاف كما قيل " إياك نعبد " العبادة غاية الخضوع والتذلل وكذا في الكشاف وتفسير البيضاوي وفي مجمع البيان: هي ضرب من الشكر وغاية فيه لأنها الخضوع بأعلى مراتبه مع التعظيم وفي كون المراد هنا ما ذكروه تأمل فإن الظاهر أن ليس ذلك واجبا ولا يدعيه العباد، ويدل على وجوب تخصيصه تعالى بالعبادة إذ حاصله قولوا نخصك بالعبادة، ولا نعبد غيرك، فيجب العبادة و الإخلاص فيها حتى يحسن الأمر بالقول، ويكونوا هم صادقين في القول بل الظاهر أن المقصود من هذا القول هو التخصيص بالعبادة أي العبادة والإخلاص فيها، وهي النية فيفهم وجوبها فيحرم تركها، والرئاء بقصد غيره تعالى بالعبادة " وإياك نستعين " يدل على عدم جواز الاستعانة في العبادة بغيره تعالى بل في شئ من الأمور إلا ما أخرجه
صفحة ٥