المشتق حقيقة لمن اتصف به وقتا ما، وكذا على تقدير كونه حقيقة حين اتصاف المشتق بالمبدء فقط، فإن ذلك ليس بمراد ها هنا، فيتعين الأول.
[فقد نفى الله العهد الذي هو الإمامة عمن صدق عليه أنه ظالم في الجملة] (1).
فحاصله أن الذي اتصف أو يتصف بالظلم بالفعل أي وقتا ما أو بالإمكان على الخلاف بين المنطقيين لا تناله الإمامة، وتخصيصه بوقت دون آخر يخرجه عن ظاهره ولا يجوز ذلك إلا بدليل يجوز تخصيص مثله بمثله وليس ، وكذا الكلام في الإمام والخليفة فلزم من كلامه عدم جواز كون من اتصف بفسق ما وقتا ما نبيا وإماما فلا بد من كونهم معصومين من أول عمرهم إلى آخره من الكبائر على زعمه أيضا وهو خلاف مذهب الأشاعرة بل خلاف معتقده، فإنه يعتقد وقوع الكبائر منهم مثل ما وقع من آدم على نبينا وآله وعليه السلام فإنه سمي بالعصيان والظلم أيضا في قوله تعالى:
" وعصى آدم ربه - فتكونا من الظالمين (2) " بل بوقوع الكفر ممن يعتقد إمامته إلا أن يؤول ذلك بالصغاير وتختص الآية بالنبوة، وهو بعيد، إذ الظاهر أن العهد هو الإمامة وهي أعم كما ذهب إليه صاحب الكشاف كما مر وفهم من كلام القاضي أيضا حيث قال:
وإن الفاسق لا يصلح للإمامة بعد إثبات العصمة للأنبياء قبل البعثة، وأيضا للعلة الظاهرة من الآية وهي الظلم.
وكذا استدلال الأصحاب بها على وجوب العصمة عن الذنوب مطلقا للنبي صلى الله عليه وآله والإمام، فكأنهم نظروا إلى أن الظلم في الأصل هو انتقاص الحق، وقيل وضع الشئ في غير موضعه من قولهم " ومن أشبه أباه فما ظلم (3) " أي فما وضع الشبه في غير موضعه كذا في مجمع البيان أو التعدي عن حدود الله كما يفهم من قوله تعالى: " ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه (4) " وغيره إذ لا شك أن فعل الصغيرة خروج عن الاستقامة والطاعة، وأنه نقص ووضع في غير المحل، وتعد عن
صفحة ٤٧