على أنه قال فيه بعده بأسطر: إن المراد بمسح الرجلين المفهوم من عطفهما على الرأس الغسل القليل، ولا شك أنه بالنسبة إلى الرأس مسح حقيقي فهو لفظ واحد أطلق في إطلاق واحد على المعنى الحقيقي والمجازي معا، مع عدم القرينة بل مع الاشتباه، فهو إلغاز وتعمية، وهل هذا إلا تناقض؟ فظهر كون المراد المعنى الحقيقي في الرجلين أيضا كما فهمه بعض الصحابة وأهل البيت عليهم السلام فتأمل فيه.
والآية تدل على وجوب أمور في الوضوء:
الأول غسل الوجه وهو العضو المعلوم عرفا، وقد حد في بعض الأخبار المعتبرة بأنه الذي يدور عليه الإبهام والوسطى عرضا، وطولا من قصاص شعر الرأس إلى الذقن، وهو أول فعل في الوضوء، فظاهر الآية لا يدل على اعتبار النية، ولا على تعيين الابتداء، لكن اعتبار النية معلوم إذ لا يمكن الفعل الاختياري بدونها وفعلهم عليهم السلام كان من الأعلى إلى الأسفل في أعضاء الغسل فهو أحوط، ولا على وجوب الترتيب بين أجزاء العضو، بل لا يمكن ذلك حقيقة، نعم ملاحظة العرفي حسن ولا على وجوب التخليل مطلقا ويدل على عدمه الروايات الصحيحة (1) ولا على وجوب المس والدلك باليد لصدق الغسل مع الكل، فكلما دل دليل من خبر أو إجماع يقال به، والباقي يبقى على حاله.
الثاني غسل اليدين والترتيب مستفاد من الاجماع والخبر ويمكن فهمه من الآية أيضا بتكلف بأن يقال يفهم تقديم الوجه لوجود الفاء التعقيبية ولا قائل بعدم الترتيب حينئذ فإن الحنفية لا توجب الترتيب أصلا، بل تجوز تقديم غسل الرجلين على غسل الوجه (2).
صفحة ١٦