...ولا تحسبن أيها المنعم عليه باتباع الصراط المستقيم ، أن النهي عن اتخاذا القبور أوثانا والصلاة إليها وبناء المساجد عليها وإيقاد السرج لديها أن هذا غض من أصحابها وتنقيص لهم كلا ليس هذا من تنقيصهم كما يحسبه أهل البدع والضلال بل هذا من تعظيمهم وإكرامهم واحترامهم وسلوك فيما يحبون واجتناب عما يكرهون وأنت وأيم الله وليهم ومحبهم وناصر طريقتهم وسنتهم وأنت على هداهم .
...وأما هؤلاء المبتدعون الضالون فقد نقصوهم في صورة التعظيم فهم أبعد الناس من هداهم ومتابعتهم كالنصارى مع المسيح ، واليهود مع موسى ، والروافض مع علي فأهل الحق أحق بأهل الحق من أهل الباطل ، والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض فإن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن
...ولذا نجد أكثر هؤلاء العاكفين على القبور معرضين عن طريقة من كان يتبع السنن ويحييها مشتغلين بغيره عما أمر به ودعا إليه .
وتعظيم الأنبياء والصالحين ومحبتهم إنما يكون باتباع ما دعوا إليه من العلم النافع والعمل الصالح واقتفاء آثارهم وسلوك طريقتهم دون عبادة قبورهم والعكوف عليها واتخاذها أوثانا فإن من اقتفى آثارهم كان سببا لتكثير أجورهم باتباعه لهم ودعوته الناس إلى اتباعهم فإذا اعرض عما دعوا إليه واشتغل بضده حرم نفسه وإياهم عن ذلك الأجر فأي تعظيم واحترام لهم في هذا .
...ومنها : أنه عليه الصلاة والسلام أمر بتسويتها كما روى مسلم في [ صحيحه ] عن أبي الهياج الأسدي أنه قال : قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عونه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته .
صفحة ٩