...فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة لتعليق الأسلحة والعكوف حولها اتخاذ إله مع الله تعالى مع أنهم لا يعبدونها ولا يسألونها شيئا فما الظن بالعكوف حول القبر والدعاء عنده ودعاء صاحبه والدعاء به .
...فمن له خبرة بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وبما عليه أهل البدع والضلال اليوم في هذا الباب علم أن بين السلف وبين هؤلاء الخلوف من البعد أبعد مما بين المشرق والمغرب .
...وقد ذكر البخاري في [ صحيحه ] عن أم الدرداء أنها قالت : دخل أبو الدرداء مغضبا فقلت : مالك ؟ فقال : والله ما أعرف فيهم شيئا من أمر محمد صلى الله عليه وسلم إلا أنهم يصلون جميعا .
...وقال الزهري : دخلت على أنس بن مالك رضي الله عنه بدمشق وهو يبكي فقلت له : ما يبكيك ؟ فقال : ما أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت . ذكره البخاري .
...وقال المبارك بن فضالة : صلى الحسن الجمعة وجلس فبكى فقيل له ما يبكيك يا أبا سعيد ؟ فقال تلومونني على البكاء ولو أن رجلا من المهاجرين اطلع من باب مسجدكم ما عرف شيئا مما كان عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أنتم اليوم عليه إلا قبلتكم هذه وهذه إشارة إلى الفتنة العظمى التي قال فيها عبد الله بن مسعود كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير وينشأ فيها الصغير تجري على الناس يتخذونها سنة وإذا غيرت قيل : غيرت السنة أو هذا منكر .
...قال ابن القيم : وهذا مما يدل على أن العمل إذا جرى على خلاف السنة فلا عبرة ولا التفات إليه . وقد جرى العمل على خلاف السنة منذ زمن أبي الدرداء وأنس كما سمعت آنفا .
صفحة ٣٣