وهذا محادة ومناقضة لما قصده الرسول عليه الصلاة والسلام وقلب للحقائق ونسبة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التدليس والتلبيس إذ لا ريب أن من أمر الناس بملازمة أمر واعتياده وكثرة انتيابه بقوله " لا تجعلوا قبري عيدا " فهو إلى التلبيس وضد البيان أقرب منه إلى الدلالة والبيان فإن لم يكن هذا تنقيصا فليس للتنقيص حقيقة فينا ولا شك أن ارتكاب كل كبيرة بعد الشرك أسهل إثما وأخف عقوبة من تعاطي مثل ذلك في دينه عليه الصلاة والسلام وسنته وهكذا غيرت ديانات الرسل .
...ولولا أنه تعالى أقام لدينه الأنصار والأعوان الذابين عنه لجرى عليه ما جرى على الأديان قبله قال عليه الصلاة والسلام :" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " فإنه عليه السلام بين في هذا الحديث أن الغالين يحرفون ما جاء به ، وأن المبطلين ينتحلون أن باطلهم هو ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام ، وأن الجاهلين يتأولونه على غير تأويله .
...وفساد الإسلام من هؤلاء الطوائف الثلاث ، فلو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال هؤلاء الضالون لم ينه عن اتخاذ قبور الأنبياء مساجد ، ولم يلعن من فعل ذلك فإنه عليه الصلاة والسلام إذا لعن من اتخذها مساجد يعبد الله فيها فكيف يأمر بملازمتها والعكوف عندها وأن يعتاد قصدها وإتيانها ولا تجعل كالعيد الذي يجيء من الحول إلى الحول.؟!
وكيف يقول صلى الله عليه وسلم " وصلوا علي حيثما كنتم " بعد قوله "لا تجعلوا قبري عيدا وكيف لم يفهم أصحابه وأهل بيته من ذلك ما فهمه هؤلاء الضالون الذين جمعوا بين الشرك والتحريف !؟.
صفحة ١٢