============================================================
الشيخ محمد حسن آل ياسين أن قراءة ديوان أبي الأسود على السكري كانت سنة 288، مما يرجح أن سنة وفاته هي سنة 290 فعلا(1) .
ثانيا أن هذا التاريخ يعني أن الرازي دخل بغداد حين كان ابن قتيبة المتوفى سنة 276 ما يزال حيا. وقد كان الرازي معجبا غاية الإعجاب بأعمال ابن قتيبة، واستشهد بعدر كبير جدا منها ، بحيث يمكن القول إن أعمال ابن قتيبة كانت المعين الأكبر في دراسته اللغوية. والحال أنه لا توجد إشارة واحدة في "الزينة" تدل على أن الرازي سمع من ابن قتيبة، بل هو يكتفي بالنقل من كتبه فقط .ا ثالثا أننا نعتقد أن أبا حاتم بدأ بإعداد المادة الأولى للزينة في أثناء مقامه بغداد. ولم يكن من عادته الترحم على أساتذته الموتى. لكنه خالف هذه القاعدة مرة واحدة عند ذكره السكري، حيث ترحم عليه، مما يمكن أن يعني أن حدث موته كان ما يزال حدثا قريبا، في أثناء إعداد المادة الأولى للكتاب.
لهذه الأسباب، وهي ليست بالأسباب القاطعة، نرجح أنه دخل بغداد بعد وفاة ابن قتيبة سنة 276 . وقد كانت دراسته على المبرد في البداية . ولعل هذه الدراسة امتدت حتى وفاة المبرد. لكنه في الوقت نفسه كان يلم بمجالس ثعلب، ويضع بين يديه آراء المبرد، ويستطلع رأيه فيها، مستثمرا التنافس اللغوي بين المدرستين، كما حصل على ما يبدو في رأي المبرد أن الميم في (اللهم) تنوب عن ياء النداء. فكان رد ثعلب أن هذا خطأ، لأن ياء النداء تدخل على (اللهم)، فيقال (يا اللهم) .
وإذا شئنا أن نرتب أوقات الدراسة حسب وفيات العلماء، فقد بدأ أبو حاتم بالدراسة على المبرد، وانتقل بعد وفاته إلى ثعلب. وحافظ في الوقت نفسه علىا ال الدراسة على السكري. غير أن الفضل الأكبر في تفتح وعيه النقدي لا يعود إلى المبرد شخصيا، بل إلى الحلقة اللغوية التي كانت تحيط بالمبرد.
وهنا تنبغي الإشارة إلى مسألة مهمة، وهي أن الأستاذ لم يكن يمثل معرفته الشخصية وحسب، بل كان ينقل معه آراء أساتذته إلى تلاميذه، ويتيح إيصال كتبا المعلمين القدماء إلى الطلبة الجدد. على سبيل المثال ، يقال إن المبرد كان يحتكر (1) مقدمة ديوان أبي الأسود الدؤلي ص 27 .
صفحة ١٢