وردت قائلة: «سنرى أيها الفتى الذكي!»
على الرغم من شعور كاثي بالإرهاق وضيقها الشديد بفساء الكلبة، فإنها كانت تتطلع إلى قضاء عدة أيام في باتون روج، والأقرب للواقع أن نقول إنها تتطلع إلى ذلك في لحظات معينة على الأقل. لم تكن تجد التعامل مع أسرتها يسيرا، وهذا أمر مؤكد، وكان يمكن لأي زيارة أن تنحرف عن المسار الصحيح بسرعة، وتأتي بأخطاء يصعب إصلاحها. كانت تقول للناس: «إن المسألة معقدة.» كانت نشأتها مع ثمانية أشقاء غاصة بالقلاقل، وعندما اعتنقت الإسلام تكاثرت المعارك وحالات سوء الفهم.
كانت المنازعات كثيرا ما تنشب بصدد حجابها، كانت تعود إلى المنزل، وتضع حقائبها، ثم يقول أحدهم: «الآن تستطيعين نزع هذا الشيء.» كانوا لا يزالون يقولون لها ذلك، بعد انقضاء خمسة عشر عاما على اعتناقها الإسلام، كأنما كان الحجاب شيئا تلبسه مكرهة، وفي صحبة زيتون فقط، أو كأنه قناع تنكري يمكن أن تطرحه في غيابه. أو قل كأنما كانت تستطيع في بيت أسرة دلفين، أسرتها، أن تجد ذاتها أخيرا وأن تستمتع بحياتها. وكان ذلك في الواقع هو الأمر الذي أصدرته والدتها إليها في آخر زيارة قامت بها كاثي؛ إذ قالت أمها: «انزعي هذا الشيء من رأسك، واخرجي لقضاء وقت سعيد!» •••
لكنه كان يحدث في بعض الأحيان أن يتغلب إخلاص الأم لابنتها على موقف والدة كاثي من الإسلام. فمنذ سنوات ذهبت كاثي مع أمها إلى إدارة المرور لتجديد رخصة القيادة الخاصة بكاثي، وكانت كاثي آنئذ تلبس حجابها، وكانت قد تلقت بالفعل عددا لا بأس به من النظرات المريبة من العملاء والعاملين في إدارة المرور قبل أن تجلس لالتقاط صورتها، ولكن الموظفة القائمة على آلة التصوير لم تخف احتقارها.
قالت المرأة: «انزعي ذلك الشيء!»
كانت كاثي تعرف أنه كان من حقها أن تلبس الحجاب عند التصوير، لكنها لم تشأ أن يتحول الأمر إلى مشاجرة.
فسألتها كاثي: «هل لديك فرشاة شعر؟» حاولت أن تحيل الأمر إلى فكاهة فقالت: «لا أريد أن يبدو شعري ملبدا في الصورة.» كانت كاثي تبتسم، ولكن المرأة كانت تحدق دون أن يرمش لها جفن. واستمرت كاثي تقول: «حقا، لا أبالي إن خلعت الحجاب ولكن بشرط أن تكون لديك فرشاة شعر.»
وكانت تلك هي اللحظة التي هبت فيها والدتها لإنقاذها، بأسلوبها الخاص.
وصرخت والدتها: «لها أن تلبسه! تستطيع إذا أرادت!»
وتحول الموقف إلى مشادة، وكان كل من في إدارة المرور يتفرج! وحاولت كاثي نزع فتيل النزاع قائلة: «لا بأس يا ماما! حقا لا بأس! هل معك فرشاة شعر يا ماما؟»
صفحة غير معروفة