وكان بدر الكبير فى فارس، وأراد القاسم أن يأخذ الخلافة من أبناء المعتضد، وقال هذا السر لبدر، فأنكر عليه ذلك وقال:" إن لأمير المؤمنين حقوقا، وإننى أنصب ابن مولاى" فغضب القاسم منه، وحينما تولى المكتفى كان القاسم حينما تسنح الفرصة يثيره على بدر، ويوغر صدره، فيذكر مساوئه ويقول: إن بدرا لم يكن يريد أن تكون خليفة.
وكانت هناك دائما جفوة بين بدر والمكتفى فى عهد المعتضد فتملك المكتفى الحقد، وقال: ماذا يجب أن أفعل؟ فقال القاسم: دعه لى حتى آتيك برأسه، فقال المكتفى:
أنت تعرف، فافعل ما يجب أن يفعل، ووكل المكتفى الأمور جميعها إلى القاسم، فأرسل القاسم حق البيعة إلى بدر وكتب له رسالة قال فيها: اثبت فى مكانك فإذا كنت ترغب فى ولاية أخرى أرسل لك عهدها ولواءها، فعرف بدر أن القاسم فعل دسيسة وأتم أمره، واحتال القاسم حتى فصل الجيش جميعه عن بدر، ثم استدعاه مع عدة من الفرسان الذين بقوا، وحينما وصل إلى دجلة أرسل إليه رسولا حتى يسمع رسالة أمير المؤمنين فى السر، فذهب ذلك الرسول المصطنع واقترب منه، وأخذه إلى مكانه، وقال لقومه:
لا تنتظرونا فنحن لن نأتى من هذا الطريق، ثم قطع هذا الرسول رأسه، وأرسلها إلى القاسم فحملها القاسم إلى المكتفى.
وفى عهده خرج زكرويه بن مهرويه القرمطى، وأكثر الفساد، فأرسل إليه المكتفى عدة مرات جيوشا فهزمها جميعا.
وكان زكرويه هذا يدعو لآل الرسول صلى الله عليه وسلم وأدخل فى مذهب القرامطة القرويين وسكان الجبال، وجهر بذلك المذهب، وخرج إلى القادسية، ومكث هناك، وقطع الطريق على الحجاج، فتحرك المكتفى بنفسه إليه، وتقدمه محمد بن سليمان بجيش كثيف فهزم زكرويه وقتله مع أمرائه، وكفى شرهم، وتوفى المكتفى سنة خمس وتسعين ومائتين.
المقتدر بالله
وهو أبو الفضل جعفر بن أحمد المعتضد، كان صغيرا 48 حينما توفى المكتفى وبايعوه، وأعطى حق البيعة، وتولى الخلافة، وحملوه إلى عبد الله بن المعتز، فهنأه بالخلافة، وذهب من هناك إلى مكة، ووضع الحجر الأسود فى إطار من ذهب.
صفحة ١٣٩