وشق بنو شيبان عصا الطاعة فى البادية، وقطعوا الطرق، وأكثروا الفساد ، فذهب المعتضد بنفسه إلى هناك، وتدارك الأمر، ودحر هؤلاء المفسدين، وأغار على قبائلهم، وغنم هو وجيشه أموالا طائلة لا يعرف عددها، وحصلوا على كثير من الغنائم، فباعوا الخروف بدرهم، والجمل بخمسة دراهم، أما الذهب والفضة فلم يكن لهما حساب. وهو الذى وضع النوروز المعتضدى إذ حوله من أول فروردين 40 إلى الحادى عشر من حزيران، والسبب فى ذلك: أن المعتضد كان قد ذهب إلى الصيد، وكانوا قد صرفوا مرتبات الحشم من أموال الخراج فكان هذا عبئا على الرعية، لأن الغلال لم تكن قد نضجت بعد، وحينما أخبروا المعتضد بذلك لم يغتبط، وقال: ردوا هذه الأموال إلى بيت المال، وخذوا المال من الخزينة، ثم أمر الوزير والعاملين بالديوان أن يجمعوا الخراج فى الوقت الذى تنضج فيه الغلال وتبسط يد الرعية، وبأمره حولوا النوروز إلى الحادى عشر من حزيران، وجعلوه يوم افتتاح الخراج وظلت هذه العادة باقية حتى الآن.
وكانت له عادة أخرى هى: أنه لم يقتل علويا مطلقا وقال: ذات ليلة رأيت فى المنام على بن أبى طالب، وقال لى: راع حرمة أبنائى، وأعطانى فأسا 41 فضربت به الأرض ثلاث مرات فقال: سيكون من أبنائك خلفاء بعدد هذه الضربات، وقد نذرت ألا أقوم بإيذاء علوى.
وكان الحسن بن زيد الداعى الطبرستانى يرسل كل عام ثلاثين ألف دينار إلى بغداد عند رجل زاهد ليهبها للعلويين، وحينما علم المعتضد قال للرجل: لا تخف هذا وأعلنه، ولم يمنع إنسانا من ذلك.
وهو الذى ألغى ديوان المواريث، فمن لم يعقب فأمواله إلى ذوى الأرحام. وشق أبناء أحمد بن عبد العزيز عصا الطاعة فى أصفهان، فأرسل المعتضد بدرا 42 ليحاربهم وليسترد أصفهان. وحارب رافع بن هرثمة عمرو بن الليث، وهزمه عمرو، فذهب رافع إلى نيشاپور، واستولى عليها، وقدم عمرو بن الليث فى إثره وأبعده عنها، فذهب رافع إلى خوارزم، فقتله خوارزم شاه، وأرسل رأسه إلى عمرو بن الليث وأرسلها عمرو (بدوره) إلى المعتضد، ففرح المعتضد بذلك وشكر عمرا.
وكان لعمرو بن الليث كل عام (بما قيمته) خمسة آلاف دراهم أمتعة هندية وتركية مثل (جلد) السمور والسنجاب والغزال والعود والمسك والصندل والدار خاشاك 43 وأربعة أحمال ألف ألف درهم نقدا.
صفحة ١٣٧