أظنه يصل، فرمى بالسهم فأصاب بطن النجار ونفذ منها ومات فى الحال، فأغرق الهادى فى الضحك ولم يتأثر مطلقا، وفى الحال أخذ يحك ظهره ورجله فظهرت بهما بثور، واستمر فى الحك حتى تقيحتا وصارتا جيفة نتنة، وعاش يومين ومات وكان هذا قصاصا لدماء النجار.
الرشيد
وهو أبو جعفر هارون بن محمد المهدى، استهل أول أعماله حينما ولى الخلافة بإطلاق سراح يحيى بن خالد، وكان الهادى قد سجنه، واعتزم قتله. واستوزر الرشيد يحيى بن خالد، وأمر فخلع جعفر بن الهادى نفسه فتبرم من البيعة.
وكان هارون قد أتى إلى جسر النهر، ورمى غاضبا بالخاتم الذى كان المهدى قد منحه إياه، ثم طلبه الهادى منه، وكانت قيمة ذلك الخاتم مائة ألف دينار، وعند ما ولى هارون الخلافة أمر الغواصين فغاصوا وبحثوا عنه فوجدوه وأخرجوه، فأخذه هارون ومنح الغواصين أموالا كثيرة، وكان هذا فألا حسنا.
وكان عبد الله بن مالك الخزاعى هو صاحب شرطة المهدى والهادى، وكان هارون قد أقسم أن يحج ماشيا، وحينما ولى الخلافة أراد أن يبر بقسمه فأمر عبد الله هذا ففرشوا منزلا من بغداد إلى مكة بالفرش والأبسطة، وكان هارون يمشى عليها حتى ذهب إلى الحج وبر بقسمه، وسر هارون من عبد الله لما فعله، وجعل هارون ولاية العهد لابنه محمد ومن بعده المأمون ثم المؤتمن، وفى عهده خرج يحيى بن عبد الله الحسنى، واستولى على طبرستان، فأرسل الرشيد الفضل بن يحيى (البرمكى) على رأس عشرة آلاف رجل لحربه، وأقام الفضل عاما بمدينة الرى، واحتال حتى استولى السرور والرضا على قلب يحيى، وحملوه على طلب الأمان، فقال: إننى أريد وثيقة أمان الرشيد بخط يده، فأرسل الفضل رجلا إلى بغداد ليحضر تلك الوثيقة بضمان الهاشميين جميعا، وأروها له وجعلوه يرحل إلى بغداد، وحينما وصل الخبر إلى هارون أمر فذهب جميع حشمه والهاشميون لاستقباله، وأدخلوه بغداد معززا مكرما، ورافقه الحشم جميعا حتى باب القصر ثم رجعوا من هناك، وكان هارون قد أمر فشيدوا له قصرا جميلا، وأكرم وفادته سبعة أشهر.
صفحة ١٢٦