الباب الخامس: الأكاسرة
نوشيروان 1 العادل
حينما جلس نوشيروان بن قباد على العرش استن سننا طيبة؛ فأطلقوا عليه" نوشيروان العادل" لأنه كان رجلا عادلا، لم يسعد لظلم إنسان، وأتى بتقاليد حميدة فى إحقاق الحق لم يأت بها إنسان قبله قط، وأول عمل قام به أعطى ملك العرب للمنذر بن امرئ القيس؛ لأنه كان السيد وابن سيد العرب جميعا، وكان له ولأسلافه مآثر كثيرة لدى ملوك العجم.
ثانيا: إنه تدارك أمر مزدك وتناظر معه، وأثبت بالحجة والبرهان أن مزدك على غير حق، ثم أمر فقتلوه، وسلخوا جلده، وملأوه تبنا، وصلبوه على باب الإيوان مكان عبور الرعية، ثم أمر فطلبوا أتباع مزدك وصلبوهم، وقتل منهم فى نصف يوم ثمانية آلاف رجل مزدكى، ثم أمر أهل المملكة (قائلا): تعلموا الدين، وأدوا شعائره فتصبحوا ماهرين فى معرفته وفهمه، فإذا خرج مزدك لا تنطلى عليكم أكاذيبه. وأرسل جيشا إلى بلاد الروم، واستولى على بعض البلاد؛ فبعث القيصر رسولا وطلب الصلح وأرسل الهدايا الكثيرة، فأجابه ووضع الخراج والضرائب على الروم، واستدعى الجند، وأخذ من القيصر الرهائن. ثم ذهب إلى گرگان، وشيد الأبنية هناك فبنى قصرا من الرخام لم ير إنسان مثله فى الدنيا؛ حوائطه وأسطحه من الرخام.
وقدم ترك خوارزم طائعين له، وأتم نوشيروان السور الذى كان يزدجرد بن بهرام قد وضع أساسه ولم يتمه، وكان طوله خمسة عشر فرسخا ثم عاد من گرگان، وحينما وصل إلى دسكره قدمت الرسل وأحضروا كثيرا من الهدايا والرسائل من الخاقان العظيم ملك التركستان، والهياطلة، وفغفور الصين، وطلبوا منه الصلح.
صفحة ٨٣