حميد بن قحطبة
وأسند المنصور ولاية خراسان لحميد بن قحطبة فى غرة شعبان سنة إحدى وخمسين ومائة، وكان حميد من الدعاء العظام وفى عهده مات المنصور، وتولى المهدى الخلافة، فأرسل عهد خراسان إلى حميد.
وفى عهده خرج المقنع وقد جعل البياض (لونا) لبيرقه، وكان أعور العين (يحترف) تبييض الثياب، كما كان يدعى حكيما، ولما خرج ادعى النبوة فى البداية، ثم ادعى الألوهية ودعا الناس إلى عبادته، وصنع لوجهه قناعا من ذهب، يضعه على وجهه حتى لا يراه إنسان لشدة قبحه ودمامته، وكان يقول: إن الله عز وجل خلق آدم وحل فى صورته، وحينما مات حل فى صورة نوح، ثم فى صورة إبراهيم، ثم فى صورة موسى، وفى صورة عيسى، ثم حل فى صورة محمد صلى الله عليه وسلم، وظل كذلك حتى حل فى صورة أبى مسلم، وبعد أبى مسلم حل فى صورة هاشم، يعنى المقنع.
وأسمى المقنع نفسه هاشما، والتف حوله كثير من الضالين، وكانوا يسجدون له ويستصرخونه فى ساحات الوغى:" المدد يا هاشم" وهم فى ذلك كمن يطلبون المدد من الله عز وجل. وأعد قلعة سنام 42 من أعمال كش وجعلها حصنا، وظهرت مبيضة بخارى والسغد وعاونوه ودعا الكفار من الترك، وكانت أكثر أعمالهم فى السغد ، وقصدهم أبو النعمان، ولم يستطع أن يفعل شيئا، فقدموا إلى مدينة كش واستولوا على أحيائها 43 كما استولوا على حصن نواكت فى سنام 44 وكذلك سنكردر 45، وحاربهم أبو النعمان والجنيد والليث بن نصر وحسان بن تميم بن نصر بن سيار ومحمد بن نصر ولم يصمد أمامهم أحد قط، ورجعوا جميعا مهزومين مدحورين، ثم أرسل المهدى جبرائيل بن يحيى وأخاه يزيد فشغلا بالمبيضة فى بخارى، وهم الذى ظهروا فى عهد حسين بن معاذ سنة سبع وخمسين ومائة، وحاربهم جبرائيل فى مدينة نوجكت 46 فقتل منهم سبعمائة رجل، وقتل حكيم بخارى زعيمهم وهزم الآخرون، ورجعوا إلى المقنع. ثم ذهب جبرائيل إلى سمرقند، وقصد السغديين وقتل زعميهم.
ومات حميد بن قحطبة، وحكم خراسان بعده ابنه عبد الله بن حميد حتى سنة تسع وخمسين ومائة.
صفحة ١٨٨