تنسب المطرفية إلى مطرف بن شهاب المتوفى في منتصف القرن الخامس الهجري. وهناك خلاف حول بدايات ظهور فكرها، ولكن تاريخ الفرقة لا يعنينا في هذا السياق. ويمكن اعتبار أن موقفهم الأساسي يتلخص في قولهم: إن الله تعالى خلق أصول الأربعة التي هي: الماء، والهواء، والنار، والتراب، وأما خصائص تلك الأصول، وكل ما سواها في الكون، من مادة وخصائصها فإنما نتجت بتفاعل بين تلك الأصول، ولم يكن لله تعالى في ذلك أمر. وهي مقولة قال بها بعض فلاسفة الإغريق وغيرهم. وقد رأى أعلام الزيدية وأهل البيت آنذاك في هذا القول مخالفة للأدلة العقلية وللضرورات الدينية. وقد جادلهم مجموعة من أولئك عبر عقود من الزمن، منهم الإمام أبو هاشم الحسن بن عبدالرحمن(431ه)، والإمام أبو الفتح الديلمي(444ه)، والعلامة سعيد بن برية(476ه)، والعلامة محمد بن حميد الزيدي(520ه)، والقاضي جعفر بن عبد السلام(537ه)، والإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (566ه)، والإمام عبدالله بن حمزة(614ه)، والقاضي عبدالله بن زيد العنسي (667ه)، وغيرهم كثير. وفي عصر الإمام عبدالله بن حمزة(614ه) تطور الأمر إلى قتال بينهم وبين الإمام، فكانت الغلبة للإمام عبدالله، وقد رأى أنهم كفار. والظاهر من نصوص المطرفية التي وصلتنا أنها اقتضت أمرين متلازمين:
* إنكار مبدأ التدبير الإلهي. وذلك باعتبار أن كل ما نراه اليوم ليس لله فيه تدبير أو شأن، وإنما هو بتفاعل المواد الأربعة.
صفحة ٩٦