أحس بأكلان في خصيتيه، تململ قليلا، حاول أن يحك موضع الأكلان، حاول أن يأخذ نفسا طويلا من الهواء، ممتدا لنصف الساعة، حاول أن يستشعر رطوبة الجو، وأن يغمض عينيه لثوان ثم يفتحهما للأبد، حاول أن يتذكر ما إذا كان قد صلى صلاة العشاء ليلة البارحة، أم أنه تأخر في انتظار جعفر بين أشجار المسكيت الخضراء قرب النهر، حاول أن يغني، حاول أن يبكي، حاول أن يسمع نداء عصفور ود أبرق خلف النافذة على شجرة الأركويت، حاول أن يعطس لكنه أشعل سيجارة ثم أطفأها، ونظر إلى ساعته ولم يرها، فقال في نفسه: لا بد أن تتزوج هذه البنت، فلقد كبرت منى بما يكفي لكي تنجب أطفالا، أطفالا في جمال العصافير، ليروا جعفرا قبل أن يبتلعه الدهر، فمن يعرف ماذا سيحدث غدا؟ فمن يعرف أين سيكون جعفر غدا؟ بل من يعرف أين يكون في هذه الآن، هذه الآن بالذات؟
ثم سأل وبصوته برود غريب: من أجل من تجاهد؟
قلت بسرعة: من أجل الدين.
فناولك فنجانا من قهوته المرة فلم تستطع بلعها، أعدتها إليه.
سألك بعد أن حدثك عن أشعار جعفر الخمسة: أتعرف الفرق بين شرح سيد قطب للقرآن وأبي الأعلى المودودي؟
قلت: لا.
سألك: هل سمعت بنظرية الانفجار الكبير لجيمس هوكنج؟
قلت: لا.
فسألك: أتعرف زرادشت ودينه، ولماذا وضعه البعض ضمن الأنبياء؟ - لا.
فسألك: هل تدري أن كلمة آمين هي من اللغة العبرية وتعني نعم؟
صفحة غير معروفة