وَأَمْوَالِهِمْ﴾ (١) وقد يكون لهم المال القليل دون نصف الكفاية، ولكنهم أشد حاجة من المساكين» (٢) (٣).
_________
(١) سورة الحشر، الآية: ٨.
(٢) انظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، ٧/ ٢٠٧، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ١٠/ ٦.
(٣) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في أيهما أشد حاجة، وأسوأ حالًا: الفقير أم المسكين؟ فقال الإمام أحمد ﵀، والإمام الشافعي ﵀، وغيرهما: إن الفقير أشد حاجة من المسكين؛ لأدلة منها:
١ - قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [سورة التوبة، ٦٠] فبدأ بالفقراء، وإنما يبدأ بالأهم فالأهم؛ لأن الزكاة شرعت لدفع الحاجة، فمن كان أحوج بدئ به.
٢ - قول الله تعالى: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ [سورة الكهف، ٧٩] فقد وصف بالمسكنة من له سفينة.
٣ - قول الله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ﴾ [سورة الحشر، الآية: ٨] فقد يكون الفقير لا مال له أصلًا.
٤ - حديث أبي هريرة ﵁ مرفوعًا: «ليس المسكين بهذا الطوَّاف الذي يطوف على الناس، فترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنىً يغنيه ولا يُفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس [متفق عليه: البخاري، برقم ١٤٧٩، ومسلم، برقم ١٠٣٩].
وذهب الإمام أبو حنيفة ﵀ ومن معه من المالكية وغيرهم إلى أن المسكين أشد حاجة لقول الله تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ [سورة البلد ١٦] وهو المطروح على التراب لشدة حاجته.
والصواب أن إطلاق المسكين يدخل فيه الفقير، وإطلاق الفقير يدخل فيه المسكين؛ فإذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعًا، مثل: لفظ الإسلام، والإيمان، ثم المسكين ذا متربة قيد بذلك فدل على أنه يوجد مسكين لا بهذه الصفة، واستدل أبو حنيفة ﵀ أيضًا: بأن الله تعالى جعل الكفارات للمساكين، ولكن نوقش بأن المسكين إذا أطلق دخل فيه الفقير، والله تعالى أعلم. [الشرح الكبير لابن قدامة، ٧/ ٢٠٧ - ٢١٠، وحاشية الروض المربع للأساتذة: الطيار والغصن، والمشيقح، ٤/ ٢١١ - ٢١٢، والموسوعة الفقهية، ٢٣/ ٣١٢، والصواب القول الأول: قول الإمام أحمد والشافعي رحمهما الله تعالى.
1 / 8