ظاهرة مد وجزر البحار في التراث العلمي العربي: مراحل تطور النظريات العلمية التي تفسر ظاهرة المد والجزر في البحار وإسهامات العلماء العرب والمسلمين فيها مع تحقيق مجموعة من المخطوطات العربية المتعلقة بالموضوع
تصانيف
تعتبر الطاقة التي تنقلها موجات المد والجزر هائلة عندما تكون على المقياس الكبير. وقد تعددت أشكال الاستفادة من طاقة المد والجزر، فإما كانت تستخدم لتدوير طواحين الحبوب، وإما لتسيير حركة السفن. كما كانت هناك إجراءات احترازية وقائية تتخذ للتحذير من ضرر حركة المد والجزر في البحار والأنهار على حركة الملاحة، كأن توضع مؤشرات تنبه البحارة على ذلك.
سنرى في هذا الفصل كيف أن العرب ربما كانوا أول من استفاد من طاقة المد والجزر وتحويلها إلى عمل مفيد من خلال الطواحين المائية، وإذا تأكد ذلك فإنهم يكونون قد سبقوا الأوربيين في هذا التطبيق بنحو ثلاثة أو أربعة قرون.
في المسح الذي أجراه الباحث و. إ. منشنتون
W. E. Minchinton
لمعرفة إسهامات كل الحضارات في صناعة طواحين المد والجزر قال: «أخبرني جوزيف نيدهام أنه لم يكن لدى أهل الصين أو الهند معرفة بطواحين المد والجزر، بينما أكد لي ماريون جونسون بأنه ما من دليل على وجود طواحين المد والجزر في أفريقيا. وأعرف أنه ما من دليل قبل الدليل الأوروبي عن شمال وجنوب أمريكا والكاريبي.»
1 (1) المبحث الأول: طواحين طاقة المد والجزر
تشير الوثائق إلى معرفة كل من العرب والأوربيين بطواحين المد والجزر. وقد كان للعرب السبق على الأوربيين في هذا المجال.
أولا: العرب والمسلمون
يعود أقدم نص عربي وصلنا عن الطواحين التي استخدمت طاقة المد والجزر إلى القرن العاشر للميلاد، وهذا يعني أن هذه الطواحين كانت موجودة على الأقل منذ ذلك القرن، إن لم يكن أبكر من ذلك . فنحن نعلم أن مدينة البصرة قد بناها الصحابي الجليل عتبة بن غزوان (توفي 17ه/ 638م) في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (توفي 23ه/644م) سنة 14ه وقيل 15ه عند ملتقى نهري دجلة والفرات،
2
صفحة غير معروفة