باب حطة، وقوله: سُجَّدًا، أي: ركعًا. قال وهب: أمروا بالسجود شكرا لله ﷿ إذ ردهم إليها. قوله تعالى: وَقُولُوا حِطَّةٌ قرأ ابن السميفع وابن أبي عبلة (حطةً) بالنصب. وفي معنى «حطة» ثلاثة أقوال: أحدها: أن معناه: استغفروا، قاله ابن عباس ووهب. قال ابن قتيبة: وهي كلمة أُمروا أن يقولوها في معنى الاستغفار، من: حططت، أي: حط عنا ذنوبنا. والثاني: أن معناها: قولوا: هذا الأمر حق كما قيل لكم، ذكره الضحاك عن ابن عباس. والثالث: أن معناها: لا إله إلا الله، قاله عكرمة. قال ابن جرير الطبري: فيكون المعنى: قولوا الذي يحط عنكم خطاياكم، وهو قول «لا إِله إِلا الله» .
ولماذا أمروا بدخول القرية؟ فيه قولان: أحدهما: أن ذلك لذنوب ركبوها فقيل: (ادخلوا القرية) (وادخلوا الباب سجدًا نغفر لكم خطاياكم)، قاله وهب. والثاني: أنهم ملوا المن والسلوى، فقيل:
اهْبِطُوا مِصْرًا، فكان أول ما لقيهم أريحا، فأمروا بدخولها.
قوله تعالى: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي:
(نغفر لكم) بالنون مع كسر الفاء. وقرأ نافع وأبان عن عاصم «يغفر» بياء مضمومة وفتح الفاء. وقرأ ابن عامر بتاء مضمومة مع فتح الفاء.
[سورة البقرة (٢): آية ٥٩]
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)
قوله تعالى: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ. اعلم أن الله ﷿، أمرهم في دخولهم بفعل وقول، فالفعل السجود، والقول: حطة، فغير القوم الفعل والقول. فأما تغيير الفعل ففيه خمسة أقوال:
(٢٣) أحدها: أنهم دخلوا متزحفين على أوْراكهم. رواه أبو هريرة عن النبيّ ﷺ.
والثاني: أنهم دخلوا من قبل أستاههم، قاله ابن عباس وعكرمة. والثالث: أنهم دخلوا مقنعي رؤوسهم، قاله ابن مسعود. والرابع: أنهم دخلوا على حروف عيونهم، قاله مجاهد. والخامس: أنهم دخلوا مستلقين، قاله مقاتل.
وأما تغيير القول ففيه خمسة أقوال:
(٢٤) أحدها: أنهم قالوا مكان «حطة»: حبة في شعرة، رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ.
والثاني: أنهم قالوا: حنطة، قاله ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، ووهب، وابن يزيد.
والثالث: أنهم قالوا: حنطة حمراء فيها شعرة، قاله ابن مسعود.
_________
لم أره مرفوعا بهذا اللفظ، وإنما أخرجه البخاري ٣٤٠٣ و٤٦٤١ و٤٤٧٩ ومسلم ٣٠١٥ والترمذي ٢٩٥٦ وابن حبّان ٦٢٥١. من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجّدا وقولوا حطّة يغفر لكم خطاياكم فبدّلوا فدخلوا الباب على أستاهم وقالوا حبّة في شعرة» . والرواية التي ذكرها المصنف هي من قول الحسن كما في تفسير الطبري ١٠٢٧.
انظر الحديث المتقدم.
1 / 69