الفرع الرابع
أثر سُنَّة التَّرك في المسائل المعاصرة
وتحت هذا الفرع أمثلة ثلاثة:
المثال الأول: وضْع أعلام لحدود حرم المدينة النبوية:
المتأمل لما دونه المؤرخون للمدينة رُبَّمَا يتوقف حيرة في أن النبي ﷺ ثم الخلفاء من بعده تركوا نصب أعلام لحدود حرم المدينة؛ إذ لم يُنْقَل شيء من ذلك عنهم، اللهم إلا ما رواه الطبراني وغيره - وهو خاص بالحِمَى دون الحرم - عن كعب بن مالك ﵁: "بعثني رسول الله ﷺ أعلم على حدود الحِمَى" (١).
وهذا بخلاف الحرم المكي؛ فإن النبي ﷺ والخلفاء من بعده قد تتابعوا على تجديد أعلامه، ولا تزال أعلامه شامخة شاخصة إلى يومنا هذا (٢).
فهل يسوغ اعتبار تركه ﷺ نصب أعلام لحدود الحرم المدني سُنَّة نبوية يقتدي بالرسول ﷺ فيه؛ فيجب أن نترك ما تركه؟
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١٩/ ٩٨) برقم (١٩٤).
(٢) انظر أخبار مكة للفاكهي (٢/ ٢٧٣ - ٢٧٦) وأخبار مكة للأزرقي (٢/ ١٢٨ - ١٣٠) وللاستزادة راجع كتاب: الحرم المكي والأعلام المحيطة به للدكتور عبد الملك بن دهيش.