الوجوب" (١).
وبهذا يتبين أنَّ تَرْكَه ﷺ لا يدل على تحريم هذا الشيء المتروك.
وهذا كله إنما يستقيم إذا خلا تَرْكُه ﷺ من القرائن.
وهذه قضية في غاية الأهمية؛ فإنَّ تَرْكَه ﷺ من حيث هو يحتمل - وهذا هو الأصل - جواز الترك، وهو الإباحة ويحتمل - أيضًا - وجوب الترك، وهو التحريم.
ومن هنا فلا يسوغ لأحد أن يجعل من مجرد تَرْكه ﷺ لأمر من الأمور دليلًا على تحريم هذا الأمر المتروك، كما لا يسوغ لأحد أن يجعل من مجرد تَرْكِه ﷺ لأمر من الأمور دليلًا على إباحة هذا الأمر المتروك.
إلا أن تَرْكَه ﷺ قد تقترن به قرائن تمنع من الاحتجاج به فيكون هذا التَّرك دليلًا على الإباحة.
وقد تقترن بتَرْكِه ﷺ قرائن تجعل من هذا التَّرك حُجَّة، فيكون هذا التَّرك دليلًا على التحريم، ويتعين إذ ذاك متابعته ﷺ في هذا التَّرك. وسيأتي بيان هذه القرائن في الأصل الرابع والخامس.
ثُمَّ إنَّ تَرْكَ النبي ﷺ حتى يكون حُجَّة يجب متابعته فيه لا بد أن يتوافر فيه شرطان:
(١) مفتاح الوصول ص (٥٨٠).