المطلب الأول
دلالة السُّنَّة التَّرْكِيَّة
سُنَّة التَّرْك قِسْمٌ من أقسام السُّنَّة المُطهَّرة، وهي حُجَّة شرعية مُعتبرة، وذلك أنَّ تَرْكَ الرسول ﷺ للشيء دليل على تحريمه؛ فيجب حينئذ تَرْك ما تَرَكَه رسول الله ﷺ.
إلا أن هذا ليس على إطلاقه؛ إذ مجرد تَرْكه ﷺ للشيء لا يدل على تحريم هذا الشيء المتروك، وإنَّما يُستفاد التحريم من تَرْكه ﷺ متى انضم إلى هذا التَّرك القرائن المفيدة للتحريم، ولذا فإنَّ الاحتجاج بتَرْكه ﷺ لا بد أن تتوافر فيه شروط، هذا ما يمكن ذكره إجمالًا، وإليك فيما يأتي تفصيل ذلك في أصول خمسة:
الأصل الأول: أن النَّبيَّ ﷺ إذا تَرَكَ أمرًا من الأمور فإن هذا التَّرك مَحَلٌ للاقتداء والتَّأَسِّي به ﷺ وذلك أن تَرْكِه ﷺ جُزْء من سُنَّته ﷺ إذ سُنَّته تَعُمُّ جميع أفعاله وتَرْكِه ﷺ.
وقد دَلَّ على ذلك عُموم قوله - تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١].