سنة الترك ودلالتها على الأحكام الشرعية
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وخرج بهذا القيد - أيضًا: تَرْكه ﷺ للمنهيات والمنكرات، إذ ليس هنالك ما يقتضي فعل المعصية، بل الشرع يقتضي تَرْكها واجتنابها.
القيد الرابع: أن يقع هذا التَّرْكُ من النَّبي ﷺ على وجه التشريع والبيان؛ وذلك أن يَتْرُك الرَّسُول ﷺ فعل الشيء ليبين لأمته أن المشروع في هذا الشيء تَرْكُه وعدم فعله.
وبهذا القيد خَرَجَ ما تَرَكَه ﷺ لا على وجه التشريع، وإنما تَرْكُه مِن أجل قيام مانع من الموانع: إما لمانع جِبِلِّي، كَتَرْكِه ﷺ أكل الضَّب (١)، أو تأليفًا للقلوب؛ كَتَرْكِه ﷺ نقض الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم ﵇ (٢)، أو لغير ذلك من المعاني.
وخرج بهذا القيد - أيضًا - تَرْكه ﷺ فعل أمر من الأمور الدنيوية المحضة؛ فإن هذا التَّرْك منه ﷺ إنما يقع من جهة كونه بشرًا، فهو راجع إلى أفعاله ﷺ الجِبِلِّيَّة والعادية، وهي في الأصل تأخذ حكم الإباحة.
ومن الأمثلة على ذلك: أمرُه ﷺ بِتَرْك تأبير النخل، فعن موسى بن طلحة عن أبيه ﵁ قال: مررت مع رسول الله ﷺ بقوم على رؤوس النخل فقال: «ما يصنع هؤلاء» فقالوا:
(١) أخرجه البخاري ص (١١٣٤) برقم (٥٣٩١) ومسلم ص (١٠٤١) برقم (١٩٤٦) وقد تقدم. (٢) أخرجه البخاري ص (٧٠٤) برقم (٣٣٦٨) وقد تقدم.
1 / 41