وقد أنكر كروبتكبن مبدأ الاغتيال السياسي في مقاله الذي استكتبته إياه دائرة المعارف البريطانية بطبعتها الحادية عشرة، وحاول أن يفسره بقوله إنه من قبيل القصاص ورد الفعل للتنكيل بأصحاب هذه الحركة، وإن المغتالين لا يعتدون على الناس جزافا بغير تفرقة بينهم لمجرد التنبيه ولفت الأنظار، ولكنهم يعتدون على المعتدين ويجزونهم بما فعلوه في حماية السلطة والقانون.
ثم نشأت في روسيا طائفة فوضوية اشتراكية تنادي بمقت الاغتيال، وترى أنه من معوقات الدعوة والمنفرات منها، ولكنها لم تكن تشتد في إدانة المغتالين، ولم يكن بينها وبين الشيوعيين فارق كبير في الوجهة الأخيرة، فإنما كان الفارق الجوهري بين الفوضوية والشيوعية أن الشيوعية ترضى عن قيام السلطة أثناء فترة الانتقال لقمع العناصر الرجعية، وتمهل هذه السلطة الموقوتة إلى أن تذبل على شجرتها فتسقط بغير جهد من المجتمع لانتهاء الحاجة إليها.
ولا تنكر الاعتقاد
وليس من الصحيح أن الفوضويين جميعا ينكرون الاعتقاد أو ينكرون الديانة في صورة من صورها التقليدية أو المبتدعة.
فإن الشعبة التي يقودها سوريل ويقترح فيها إقامة النقابات مقام الحكومات، تبني دعوتها كلها على العقيدة التي تسميها ال
Mith
وتؤمن بضرورتها لكل حركة إنسانية.
وإنما ينكر الفوضويون الديانات التي يتخذها المتسلطون ذريعة للسيطرة على الضعفاء، وهي من قبيل المذاهب التي قال عنها أبو العلاء:
إنما هذه المذاهب أسبا
ب لجلب الدنيا إلى الرؤساء
صفحة غير معروفة