القوي وهو يسير بخطى واسعة متجها نحونا، اعتبرته كنزا جديدا، واعتبرته أنه كارثة؛ لأنه مخلوق لا اتساق في شكله. لقد حاولت هي أن تستأنسه، وكانت تعتقد أنها تستطيع استئناسه بالمعاملة الطيبة حتى يصبح حيوانا مدللا، فقلت لها: إنه من المستحيل الاحتفاظ بحيوان مدلل يبلغ ارتفاعه إحدى وعشرين قدما وطوله أربعا وثمانين قدما، داخل بيتنا الصغير. وحتى لو حسنت نواياه من نحونا، ودون أن يقصد الأذى، فإنه قد يجلس فوق البيت فيحطمه تحطيما. إن نظرة واحدة إلى عينيه تدل على أنه شارد الذهن.
ومع ذلك فقد أصرت على الاحتفاظ بهذا الوحش، ورفضت أن تتركه وظنت أنها تستطيع إنشاء مصنع للألبان مبتدئة به، وطلبت مني أن أساعدها على حلبه، ولكنني رفضت. إن في ذلك خطرا محققا؛ إذ ليس هذا الحيوان من النوع الذي يدر اللبن! زد على ذلك أنه لم يكن لدينا سلم للقيام بهذه العملية.
ثم بدا لها أن تركبه لتتفرج على المناظر، وكان هناك جزء كبير من ذيله يتراوح طوله بين ثلاثين وأربعين قدما ملقى على الأرض كأنه شجرة قد اقتلعت بجذورها، فحاولت تسلق الذيل ولكنها لم تستطع، فإنها عندما وصلت إلى الجزء الشديد الميل انزلقت متجهة إلى الأرض، وكادت تصاب بأذى لولا وجودي.
فهل اقتنعت الآن؟! أبدا! لا شيء يقنعها إلا التجربة العملية، إنها لا تؤمن بالنظريات التي لم تتم البرهنة عليها، ولا تأبه لها.
حقا؛ إن هذه هي الروح الحقيقية وأنا أوافق عليها، فهي تجتذبني وأحس بتأثيرها. لو قدر لي أن أقضي معها وقتا أطول لربما آمنت بها.
لقد كانت لها نظرية خاصة فيما يتعلق بهذا الوحش. إنها تعتقد أننا إذا استطعنا استئناسه وجعله أليفا، ففي مقدورنا أن نجعله يقف وسط النهر لكي نستخدمه قنطرة! ولقد اتضح لي أنه أصبح أليفا فعلا، ولكنها لما حاولت أن تثبت نظريتها فشلت، فقد كانت كلما حاولت أن تطلب منه الوقوف وسط المجرى لكي تعبر النهر فوق ظهره، خرج من الماء وأخذ يتبعها كأنه جبل متحرك. إنه يشبه في هذا جميع الحيوانات الأخرى، فهي تتبعها كلما سارت.
الجزء الرابع من مذكرات حواء
الجمعة
مضى الثلاثاء والأربعاء والخميس واليوم أيضا ولم أستطع أن أراه، لقد طالت أيام وحدتي، ولكن من الأفضل لي أن أبقى وحيدة عن أن أحس بأنني غير مرغوب في رفقتي!
إنني مضطرة أن أبحث عن رفيق - فقد خلقت لهذا - ولذلك أصاحب الحيوانات! إنها لطيفة، ولها طبعها الرقيق، وأساليبها الدمثة، إنها لا تغضب أبدا، ولا تجعلك تحس بأنك طفيلي أو دخيل ...
صفحة غير معروفة