تم الأصل الأول، ثم يدل على كل واحد من الأصول بما بعده في التحرير الأول.
وأما الوجه الثاني: وهو في الاستدلال على النظر لما يرجع إلى غيره فالذي يدل على ذلك أنه طريق إلى معرفة الله تعالى، وهي واجبة، ولا طريق للمكلفين إليها سواه، وما يتم الواجب إلا به يكون واجبا كوجوبه وهذه الدلالة فيه على أربعة أصول:
أحدها: أن معرفة الله واجبة.
والثاني: أن النظر طريق إليها.
والثالث: أنه لاطريق للمكلفين إليها سواه.
والرابع: أن ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا كوجوبه.
أما الأصل الأول: وهو معرفة الله تعالى [46أ] واجبه، فالكلام منه يقع في موضعين:
أحدهما: في حكاية المذهب، وذكر الخلاف .
والثاني: في الدليل على أن معرفة الله تعالى واجبة.
أما الموضع الأول: وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف، فمذهب الجمهور من الزيدية والمعتزلة أن معرفة الله تعالى واجبة، والخلاف في ذلك مع من أجاز التقليد بأنهم يقولون لا يجب، لأنهم يجيزون للمكلفة العدول إلى التقليد، ومن قال: إن المعارف تحصيل ضروري فإنه يقول لا تجب.
وأما الموضع الثاني: وهو في الدليل على أن معرفة الله تعالى واجبة فالذي يدل على ذلك أنها لطف للمكلفين في القيام بما كلفوه، وتحصيل ماهو لطف هذه الصفة واجب، وهذه الدلالة مبنية على أصلين.
أحدهما: أن معرفة الله تعالى لطف للمكلفين في القيام بما كلفوه.
والثاني: أن يحصل ما هو لطف بهذه الصفة واجب.
أما الأصل الأول: وهو في معرفة الله تعالى لطف، فالكلام فيه يقع في ثلاثة مواضع:
أحدها: في حقيقة اللطف في أصل اللغة، وفي الاصطلاح، وأسمائه.
والثاني: في قسمته.
والثالث: في الدلالة على أن معرفة الله تعالى لطف.
الموضع الأول: فحقيقة اللطف في أصل اللغة: هو ما قرب من نيل الغرض وإدراك المقصود، وسواء كان المقرب حسنا أو قبيحا، وسواء كان المقرب إليه حسنا أو قبيحا فعلا كان ذلك أو تركا.
صفحة ٨٢