وأما حقائقها: فحقيقة الضروري هو العلم الذي لا ينبغي عن النفس بشك، ولا شبهة، وإن انفرد، وقلنا العلم جنس الحد، وقلنا الذي لا ينبغي عن النفس بشك، ولا شبهة، احتراز من المكتسب، فإنه ينتفي عن النفس، وقد دخل في قولنا: الذي لا ينتفي عن النفس بشك ولا شبهة [43أ] الضروري الذي يلتقي بغير شك بالضد، وهو الجهل عند من يقول ببقا العلم، أو ينتفي؛ لأنه ينفي أو خرج المكسب لأنه ينفى بالشك والشبهة الواردة على دليله، ومثل هذا لا يمكن في الضروري؛ لأنه لا دليل يستدل به إليه فينتفي بما يعرض فيه من شك أو شبهة، وهذه حاصلة الضروري التي يفارق بها المكسب.
قلنا: وإن انفرد احترازا من المكتسب، فإنه ينفي إذا انفرد عن مقاربة الضروري ولا ينفي إلا إذا انظم إليه الضروري بخلاف الضروري، فإنه لا ينفى بالشك بحال، وإن انفرد، وقد قيل: إن حد العلم الضروري والذي لا يمكن العلم به إخراج نفسه عن استمرار كونه عالما بوجه من الوجوه، وهذا أولى مما تقدم.
وذكر ابن الملاحمي أن الضروري هو العلم الذي لا يقف على استدلال العالم به إذا كان ممن يتضح منه الاستدلال.
قلنا: إذا كان ممن يصح منه الاستدلال احتراز من القديم تعالى، وحقيقة المكتسب: هو العلم الذي ينفى عن النفس بالشك والشبهة إذا انفرد.
قلنا: إذا انفرد احترازا مما إذا قارنه الضروري فإنه لا ينتفي مثل أن يخبر بأني صادق أن زيدا في الدار، ثم شاهده بعد ذلك، فإنه لا ينتفي لما قاربه الضروري ، وقيل في حده هو العلم الذي يمكن العالم به إخراج نفسه عن استمراره، فقال ابن الملاحمي: المكتسب الذي يقف على استدلال العالم به، وحقيقة ما يكون معدودا في كمال العقل هو العلم الضروري المبتدي الذي يجب اشتراك العقلاء فيه، وحقيقة ما لا يعد في كمال العقل هو العلم المبتدأ الذي لا يجب اشتراك العقلاء فيه وحقيقة المبتدأ الضروي هو العلم الضروري الحاصل لاعن طريق.
صفحة ٧٦