ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Ibn Hanash ت. 719 هجري
117

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

تصانيف

وأما الموضع الثاني: وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف، فمذهبنا أن ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا كوجوبه إذا كان مقدور لما ورد الخطاب غير مشروط بما لا يتم إلا به، أو كان الواجب شرعيا، أو دل العقل على وجوبه على كل حال، ولم يشرط العقل في وجوبه حصول ما لا يتم إلا به إذا كان عقليا، وشرطنا أن يكون مقدورا لنا احترازا مما لا يتم الواجب إلا به مما ليس في مقدورنا نحو القديمة، والرجل في القيام، وورود الخطاب فيه مطلقا لنحترز به مما ورد مشروطا بما لا يتم إلا به نحو قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} فإن وجوب الحج ورد مقيدا بالإستطاعة، فلذلك لا يجب علينا تحصيل الزاد بالتكسب له، ونظيره قول السيد لعبده: اصعد السطح إن كان السلم منصوبا فإنه لا يجب عليه نصب السلم، وكذلك لو ورد الخطاب بالفعل مطلقا، ثم ورد الشرط في أنه أجزى، أو دليل آخر شرعي فإنه لا يجب تحصيل الشرط نحو قوله تعالى: {وآتوا الزكاة} فإنه ورد مطلقا، ولا يجب علينا تحصيل المال؛ لأنا علمنا بدليل آخر أنه مشروط بالنصاب، وقلنا أو دل العقل على وجوبه مطلقا لنحترز به مما دل العقل على وجوبه شرط ما لا يتم إلا به فإن هذا حاله لا يجب علينا ما لا يتم إلا به.

ومثال المطلق قوله تعالى: {أقيموا الصلاة} فهذا مطلق فيجب علينا تحصيل الطهور كما لم يتم الصلاة إلا به وهذا مقدور لنا، ومثال ما هو مطلق في الشاهد أن يقول السيد لعبده: اصعد السطح فيجب عليه ما لا يتم الصعود إلا به من السلم.

ومثال ما أوجبه العقل غير مشروط بما لا يتم إلا به قضاء الدين، ورد الوديعة، فإن العقل حكم بوجودهما مطلقا، فذلك واجب علينا ما لا يتم إلا به من القيام، وفتح الباب، فهذا تحصيل مذهبنا، والخلاف مع بعض الأشعرية فإنه قال: لا يجب علينا تحصيل الواجب إلا به إلا إذا كان موجبا.

صفحة ١١٨