وكتب إليه فخر الدولة بذكر ما رآه من تجهيز الجيوش إليه، ويستحدره «7» إلى استراباذ، ليصير المقصود «8» محصورا بين العسكرين، ومضغوطا من كلا الجانبين، إلى أن يأذن الله فيه بالبوار، أو الانتباذ إلى غيرها من الديار. فانحدر أبو العباس تاش إلى استراباذ، وخيم بهزارجان «1»، فأخذ نصرا ما قدم وحدث، [42 ب] وما مر وخبث.
ورأى الحين «2» قد فغر فاه، والسيوف تطلب وجهه وقفاه، فلاذ بالاستسلام، وفزع إلى الضراعة والاسترحام. وطفق يكتب في الاعتذار إلى الجانبين بأنه كالعارك «3» حياء مما ارتكبه، وخجلا من عوار «4» ما اكتسبه. وتحمل بشفاعة حسام الدولة في الاستصفاح عنه، واستقالة ما تخبط فيه بسوء الاختيار، حتى كتب في بابه بما نفس من خناقه. وتكرم فخر الدولة بقبول إنابته، رعاية لحق شيبته وقرابته. وعاد أبو العباس تاش إلى جرجان على أن يستأنف تدبير خراسان.
وكان فخر الدولة قد استوحش من ابن أخيه بهاء الدولة «5» لأحوال أخل فيها بحقه، وترخص معها في المفروض من إجلال قدره ومحله، فناهضه في معظم جيوشه، مزاحما له في أعمال خوزستان «6» ومعه «7» بدر بن حسنويه «8» في جنود الأكراد، أولي البسالة والجلاد. وسار حتى غلب على كورها مدلا «9» بالقوة السابغة، والنجدة الوافرة.
صفحة ٨٣