وعلى ما كان من ممارسة بني إسرائيل للحرب باستمرار لم تصبح الحرب فنا ولا علما عندهم، فكانت تعوزهم التعبئة، وما كان ليكتب لهم فوز إلا بضرب من الصولة المشابهة لغارة البدويين المعاصرين، وبنو إسرائيل إذ كانوا جبناء خوفا بطبيعتهم لم يبدوا مرهوبين إلا بما كان يحاول إلقاءه زعماؤهم وأنبياؤهم فيهم من حماسة مؤقتة.
جاء في سفر الملوك: «فسمع شاول وجميع إسرائيل كلام الفلسطيني «جليات» هذا، فارتاعوا وخافوا جدا.»
ولما سار جدعون إلى المدينيين خاطب جنوده بقوله: «من كان خائفا مرتعدا فليرجع وينصرف.» فتركه من هؤلاء اثنان وعشرون ألفا من اثنين وثلاثين ألفا ليعودوا إلى منازلهم!
ويعرف جميع قراء التوراة وحشية اليهود التي لا أثر للرحمة فيها، وما على القارئ ليقنع بذلك، إلا أن يتصفح نصوص سفر الملوك التي تدلنا على أن داود كان يأمر بحرق جميع المغلوبين، وسلخ جلودهم ووشرهم بالمنشار، وكان الذبح المنظم بالجملة يعقب كل فتح مهما قل، وكان الأهالي الأصليون يوقفون فيحكم عليهم بالقتل دفعة واحدة، فيبادون باسم «يهوه» من غير نظر إلى الجنس ولا إلى السن، وكان التحريق والسلب يلازمان سفك الدماء.
جاء في سفر يشوع أنهم بعد الاستيلاء على أريحا «أهلكوا جميع ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف، وأحرقوا المدينة وجميع ما فيها بالنار إلا الذهب والفضة وآنية النحاس، فإنهم جعلوها في خزانة بيت الرب.»
وكان اليهود يمارسون الرق على مقياس واسع، ولم يكن حال الرقيق عندهم لا يطاق، شأنه لدى جميع الشرقيين؛ فقد كان الرقيق من العرق الإسرائيلي يعامل كفرد من أبناء الأسرة، وكان يحق له بعد انقضاء سبع سنين أن يخير بين العتق والبقاء رقيقا، فإذا ما استحوذ عليه غم الغد أو الشعور بالعجز عن كفاية نفسه بنفسه، أو حب سيده الصالح، اختار النجد الثاني فظل رقيقا مدى حياته، وإذا ما اختار النجد الأول وجب ألا يسرح بغير أسباب للمعاش.
جاء في سفر التثنية: «إذا أطلقته حرا من عندك فلا تطلقه فارغا ، بل زوده من غنمك وبيدرك ومعصرتك، واذكر أنك كنت عبدا في أرض مصر.»
وفي سفر اللاويين نرى الحكم القائل بمعاملة بني إسرائيل الذين يباعون من أجل الدين كأجراء لا كأرقاء.
ويضيف المشترع إلى ذلك قوله: «من الأمم التي حواليكم تقتنون العبيد والإماء.»
وكان أفراد كل سبط يؤلفون لدى اليهود أسرة متحدة متبادلة العون على الدوام، كما عند جميع الشعوب القائلة بالنظام الرعائي.
صفحة غير معروفة