فحدثني محمد موسى الحضرمي، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن عميرة، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، عن ابن لهيعة، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: " كانت مصر من جيش علي فأمر عليها قيس بن سعد، وكان من ذوي الرأي والبأس إلا ما غلب عليه من أمر الفتنة، فكان معاوية، وعمرو جاهدين أن يخرجاه من مصر، فتغلب على أمرها وكان قد امتنع منهما بالدهاء والمكايدة، فلم يقدرا على أن يلجا مصر حتى كاد معاوية قيسا من قبل علي، فكان معاوية يحدث رجالا من ذوي الرأي من قريش، فيقول: ما ابتدعت من مكايدة قط أعجب إلي من مكايدة كدت بها قيس بن سعد حين امتنع مني قيس، قلت لأهل الشام لا تسبوا قيسا ولا تدعوا إلى غزوه، فإن قيسا لنا شيعة تأتينا كتبه ونصيحته، ألا ترون ماذا يفعل بإخوانكم النازلين عنده بخربتا، يجري عليهم أعطياتهم وأرزاقهم، ويؤمن سربهم، ويحسن إلى كل راكب يأتيه منهم.
قال معاوية: وطفقت اكتب بذلك إلى شيعتي من أهل العراق.
فسمع بذلك جواسيس علي بالعراق، فانهاه إليه محمد بن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن جعفر، فأتهم قيسا، فبعث إليه يأمره بقتال أهل خربتا وبخربتا يومئذ عشرة آلاف، فأبى قيس أن يقاتلهم، وكتب إلى علي: أنهم وجوه أهل مصر وأشرافهم وأهل الحفاظ، وقد رضوا بأن أومن سربهم وأجري عليهم أعطياتهم وأرزاقهم، وقد علمت أن هواهم مع معاوية، فلست مكايدهم بأمر أهون من الذي أفعل بهم وهم أسود العرب، منهم: بسر بن أبي أرطاة، ومسلمة بن مخلد، ومعاوية بن حديج، فأبى عليه إلا قتالهم، فأبى قيس أن يقاتلهم وكتب إلى علي: إن كنت تتهمني، فاعزلني وابعث غيري.
فبعث الأشتر "
حدثنا حسن المديني، قال: حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث، عن عبد الكريم بن الحارث، قال: لما ثقل مكان قيس على معاوية كتب إلى بعض بني أمية بالمدينة: " أن جزى الله قيس بن سعد خيرا، فإنه قد كف عن إخواننا من أهل مصر الذين قاتلوا في دم عثمان واكتموا ذلك، فإني أخاف أن يعزله علي إن بلغه ما بينه وبين شيعتنا.
حتى بلغ عليا، فقال من معه من رؤساء أهل العراق، وأهل المدينة: بدل قيس وتحول.
فقال علي: ويحكم إنه لم يفعل فدعوني.
قالوا: لتعزلنه فإنه قد بدل.
فلم يزالوا به، حتى كتب إليه: إني قد احتجت إلى قربك، فاستخلف على عملك واقدم.
فلما قرأ الكتاب، قال: هذا من مكر معاوية، ولولا الكذب لكدت بمعاوية مكرا يدخل عليه بيته "
حدثنا أبو العلى، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الجراح بن مليح، قال: حدثنا أبو رافع، عن قيس بن سعد، قال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «المكر والخديعة في النار» .
لكنت من أمكر الناس.
فوليها قيس بن سعد إلى أن عزل عنها أربعة أشهر وخمسة أيام صرف لخمس خلون من رجب سنة سبع وثلاثين
صفحة ٢٠