وقال (فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا). قال أبو علي ﵁ الخطاب للنبي ﵇ والمؤمنين بقوله (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ). أي: كذبوك بما تقول من توحيد الله فلا يستطيعون صرف العذاب عن أنفسهم والانتصار لها.
وقال غيره: الخطاب للكفار يريد أن هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة إذا سئلوا هل كان عبادتكم إياها بدعاء منكم لها: (قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ) فظهر لهم حينئذ أنهم لا يقدرون على صرف العذاب عنهم ولا على نصرهم مما يراد إنزاَله بهم.
الثالث: الاستثقال، قال الله تعالى: (مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ). أي: كانوا يستثقلون استماع القرآن والأمر بالإيمان، وهو كقولك: لا أستطيع أن أسمع كلام فلان. أي: يثقل عليَّ ذلك، وهذا معروف.
الرابع: الاستطاعة، بمعنى سؤال الفعل وطلبه، قال اللَّه تعالى: (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ). والمعنى: سؤال النزول كما تقول: هل يستطيع فلان أن يقوم معناه وأنت تعلم أنه يستطيع ولكنك تجعل ذكر الاستطاعة سؤالا للقيام؛ لأنه ألطف وقرئ: (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ). أي: هل تقدر على أن تسأل رَبَّكَ، وكانوا يعلمون أنه قادر على سؤال ربه، ولكن قالوا ذلك؛ لأنه ألطف في السؤال ومجازه هل يجوز أن، تسأل رَبَّكَ.
1 / 68