الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري (معتزلي)
تصانيف
علوم القرآن
الخوف
الخوف خلاف الأمن، والأمن سكون النفس والخوف انزعاجها وقلقها، وهو معنى غير العلم؛ لأن العلم يبقى بعد ذهاب الخوف. وأصله من النقصان، ومنه قيل: خوفت الشيء إذ أنقصته، ودينار مخوف ناقص الوزن، وقد يجيء الخوف بمعنى العلم، قال الله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) وكذلك الخشية بمعنى العلم، قال الله: (فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) وقالوا: الخوف كالظن يكون شكا ويقينا، وأنشد:
أخافُ إِذَا مَا مت ألا أذوقهَا
أي أعلم، وموضعه في الظن قولك لصاحبك قد أبق غلامك، فيقول: قد خفت ذاك، ويجوز أن يكون هذا من الخوف خلاف الأمن.
والخوف في القرآن على خمسة أوجه في زعم بعض المفسرين:
الأول: القتل، وهو قوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) يعني: القتل، وليس بالوجه لأن قوله: (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ) قد تضمن القتل، ولكن معناه الخوف على الأنفس لكثرة الأعداء، وذلك كان حال أهل المدينة بعد الهجرة، وهم مخاطبون بهذه الآية.
الثاني: الحرب، قال الله: (فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ)، يعني: الحرب، وسماها خوفا لما فيها من الخوف كما تسمى الحرب روعا لما فيها من الروع، والروع والخوف سواء
1 / 203