انتبه، حافظ على خط الرجعة ... لا تكن مندفعا، فقد يكون عهده أسوأ العهود علي وعليك.
فسدد العجل قرنه وتهيأ للنطاح، فتراجع الحمار قليلا، ولما رأى الثور قد عدل رجع ينفخ.
وظل في نفسه شيء يدفعه إلى الكلام، فعاد يقول: أتظن أن شيئا يتغير في البشر ونرتاح من عبوديتهم؟ أخاف أن ننتقل من سيئ إلى أسوأ، أنت ذقت طعم السيادة طويلا، ولكن أنا المسكين، أنا في كل عهد عبد العصا والمسلة ... جعلني شعراء الناس الذين عبدوك مثلا للذلة والهوان ...
فصاح به العجل: اسكت يا بهلول، اشكر ربك، أنت تموت حتف أنفك على الأقل، لا لحمك يؤكل ولا جلدك يسكف، أما أنا فأنتظر الساطور كل ساعة، ولا أدري متى تأتي ساعتي، لا تحلم بالأماني الكبار، بعدك عنها أوفق.
والتهى الفيلسوفان بالحوار والجدل، فرجف الصبي في المهد، فعج العجل قائلا: نفخ نفخ، الصبي بردان، فلندفئه لعله يغير ما بنا، قد كرهنا قيصر المسوس الهرم، ولكن الناس ناس في كل الدهور، أنا للحراثة والأكل، وأنت للركوب والنقل، نفخ نفخ، الصبي بردان.
صفحة غير معروفة