وجوب تطبيق الحدود الشرعية
الناشر
مكتبة ابن تيمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
أولًا: فضل إقامة حدود الله في الأرض
مدخل:
لما عصى آدم ربه ﷾ في السماء، وأهبطه الله إلى الأرض كلمه قائلًا: ﴿قال اهبطا منها جميعًا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ (طه: ١٢٣-١٢٤)، في هذه الآية بيان أن شريعة الله لآدم والرسل من بعده هي العاصمة من الضلال في الدنيا، والشقوة في الآخرة. ولذلك لم تقتصر شريعة الله للأنبياء على ما يقومون به من فروض تعبدية نحو الله بل شملت تنظيم سائر حياة البشر من زواج وطلاق وميراث، ومعاملات مالية، بل وكل ما يحتاجه الإنسان ليؤسس حياة طيبة طاهرة على الأرض. ولكن الشيطان الذي أخذ على نفسه عداء آدم وذريته استطاع أن يجتال طائفة كبيرة من بني آدم عن طريق ربهم ويصرفهم عن شريعته بشرائع أخرى اخترعوها لأنفسهم فوقع بها الشر والفساد والظلم في الأرض.
وإذا كانت البشرية في عصورها السابقة لم تمتلك التجارب الكافية لتقارن بين نتائج تطبيق شريعة الله وشرائع الشيطان فإنها في عصرنا هذا تمتلك تراثًا ضخمًا للإسلام والجاهليات المختلفة عبر العصور وتستطيع أن تشاهد إلى أي مدى يوجد الفارق الشاسع بين تطبيق شريعة الله حيث يحل النور والعدل والصلاح وبين تطبيق شرائع الشيطان حيث ينتشر الفساد والظلم بكل الصور والأشكال.
1 / 9