وجوب تطبيق الحدود الشرعية
الناشر
مكتبة ابن تيمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
(ب) الأدلة العقلية:
يستطيع أي عاقل منصف ينظر إلى الشريعة الإسلامية ومنهجها في الزجر عن الفساد في الأرض واستئصال دابر الجريمة، وكيفية إقامة العدل بين الناس أن يصل إلى يقين بأن ترك هذه الشريعة يعني زرع الفساد في الأرض. وخاصة أرض العرب إذ أن هذا الجنس من البشر لا يجتمع إلا على سلطان ديني، فما اجتمع العرب في تاريخهم الطويل إلا على هذا السلطان الذي ألف بين قلوبهم ووحد صراطهم ومنهجهم في الحياة، وردع أهل الشر منهم والفساد عن شرهم وفسادهم، ولا يكاد يخرج هذا الدين من أوساطهم حتى يعودوا إلى مثل الجاهلية الأولى شرًا وفسادًا وفرقة.
ولا نعني بهذا أن الدين لا يصلح إلا للعرب خاصة، بل الدين فيه صلاح العالمين والعرب على وجه الخصوص واليقين. فالعالم اليوم يعج بأحط أنواع الفساد والانحلال. فالظلم والطغيان في ظل القوانين الاقتصادية الجائرة أمر شاهد لكل عين سواء في ظل النظام الرأسمالي الذي يبيح الربا وأنواعًا من الاحتكار أو في ظل النظام الشيوعي الذي ينتهك حرمة الإنسان بتجريده من أهم ما يقوم حياته وهو رأس المال ووسيلة الإنتاج. ويجعل منه عبدًا لصنم يسمى (المجموع) وحيث يذهب المال في النهاية إلى طوائف من المنتفعين ممن يبقون على رأس السلطة في المجتمعات الشيوعية والاشتراكية. وكذلك الحال في النظام السياسي فبإقصاء الشريعة عم الظلم وناهيك بالنظم الاجتماعية والأخلاقية حيث
1 / 19