98

الوعاء المرمري

تصانيف

فصاح سيف: ماذا قلت يا خيلاء؟ ألسنا هنا حقيقة؟ والعالم الفسيح من حولنا حقيقة؟ أهي الأحزان التي استولت عليك فجعلتك تنطقين بهذه الكلمة؟ السراب؟ ما لنا والسراب؟ ألست أنت أمامي وأنا هنا معك؟ تعالي نغادر ذلك القصر الحزين الذي يشيع في القلب ظلامه. تعالي نبدأ حياتنا جديدة في موطن آخر نكون فيه وحدنا، مجردين من كل شيء سوى نفسينا، فلنذهب إلى قصر ذي جدن لنعيش فيه وحدنا، خيلاء وسيف، ثم نضرب بيننا وبين هذا العالم كله حجابا.

فقالت خيلاء: تمهل يا سيف، فلا مفر لي من أن أكشف لك مأساة كنت أحاول أن أؤجل كشفها.

فصاح في ذعر: مأساة؟ حماك الله يا خيلاء أن تكون لك مأساة. أفصحي عنها أو أبقي عليها حتى تجدي نفسك أكثر هدوءا، فليس بي لهفة على سماع خيال ووهم. بغير شك إنه خيال ووهم. نفسي فداؤك من كل مأساة. ومن ذا يستطيع أن يسوق إليك الأسى؟

فقالت في صرامة: بل استمع إلى تتمة الحديث يا سيف. لست أملك نفسي، لست أملك نفسي، هذه هي المأساة.

فقال سيف في دهشة: لست أفهم. ماذا تقولين يا خيلاء؟ لست تملكين نفسك؟ ومن ذا يملكها؟

فقالت: يملكها الذي لا أستطيع أن أعصيه.

فصاح في حنق: من ذا الذي لا تستطيعين أن تعصيه؟ لا أكاد أصدق أذني.

فقالت في هدوء: بل هو الحق.

فقال كالحالم: فأين إذن أحلامنا ؟ أين أحاديثنا الطوال؟ وأين آمالنا الحلوة؟ بل أين قولك إنك ما زلت على عهدي؟ لا تملكين نفسك؟ يملكها من لا تستطيعين أن تعصيه؟ بل أعصيه أنا وأرده عنك بسيفي. من ذا الذي ...

فقالت خيلاء: لا تخطئ يا سيف. قد وهبته، قد وهبته راضية.

صفحة غير معروفة