كتابة الحديث النبوي في عهد النبي ﷺ بين النهي والإذن
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
وأحلافهم (١)، ومراسلاتهم الشخصية (٢)، وديونهم فقد جاء في كتاب رسول ﷺ إلى ثقيف: "وما كان لثقيف من دَين في صحفهم اليوم الذي أسلموا عليه في الناس فإنه لهم" (٣) .
على أن هذه المعرفة للقراءة والكتابة لم تكن عامة عند الجميع، فهي تختلف باختلاف البيئات والمواطن تطورًا وازدهارًا، فالقبيلة الواحدة قد يكون قسم منها ضاربًا في جوف الصحراء، وقسم تحضَّر واستقرَّ، وسكن المدن والقرى، وقسم بين هذين القسمين يبتعد في جوف الصحراء، ولكنه لا ينزل قلب المدن والقرى، وإنما يستوطن باديتها، وظاهرها، وعلى ذلك كانت قريش، والأوس، والخزرج وهذيل، وأكثر قبائل العرب (٤) .
وعن ذلك يقول "ابن فارس" -بعد أن عرض لذكر بعض الأعراب ممن كان لا يحسن الكتابة- " ... فأما من حكي عنه من الأعراب الذين لم يعرفوا الهمز والجر والكاف والدال فإنا لم نزعم أن العرب كلها مدرا ووبرا قد عرفوا الكتابة كلها والحروف أجمعها، وما العرب في قديم الزمان إلا كنحن اليوم فما كل يعرف الكتابة والخط والقراءة ... " (٥) .
كما أن هذا لا ينافي ما وصفهم الله به في كتابه الكريم من أنهم أمة أمية وذلك في ثلاث آيات هي: قوله تعالى ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ﴾ [آل عمران:٢٠]، وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ
_________
(١) مصادر الشعر الجاهلي ١٦٦.
(٢) صبح الأعشى ٦/٤٦٨.
(٣) الوثائق السياسية، محمد حميد الله، ١٨١، فقرة ١٠.
(٤) مصادر الشعر الجاهلي ٦١٨.
(٥) عن مصادر الشعر الجاهلي ٤٧.
1 / 7