كتابة الحديث النبوي في عهد النبي ﷺ بين النهي والإذن
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد:
فإن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، فهي تلي كتاب الله تعالى في المكانة والتشريع ولا غنى عنها لمعرفة دين الله ومقاصده في كتابه الكريم، فهي إما موافقة لما جاء فيه أو مبينة له، أو موجبة لما سكت عنه.
لذلك كانت غرضًا لأعداء الدين من عرب ومستشرقين، فتارة يدخلون عليها من باب المكانة ويحاولون الانتقاص منها، وتارة يدخلون عليها من باب التوثيق، يريدون أن يلحقوا بها الزيف والبطلان، لكن الله ﷾ لهم بالمرصاد، فقد وعد -ووعده الحق- بحفظ هذا الدين وحفظ دعائمه وهما كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، فقد تكفل الله بحفظ القرآن، وهذا يستلزم تكفله بحفظ بيانه وهو السنة قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة:١٩] فحفظ الله السنة قولًا وعملًا وتقريرًا في صدور الصحابة ﵃ وفي سطورهم حتى دونت وصنفت فيها المصنفات، إلا أن هناك ممن سبق ذكرهم من ادعى بأن السنة لم تكتب في حياة النبي ﷺ، ومنهم من ادعى بأنها بقيت طوال قرن أو أكثر يتناقلها العلماء حفظًا دون أن يكتب منها شيء، وحملهم على ذلك اشتهار حديث أبي سعيد الخدري ﵁ أن الرسول ﷺ نهى عن كتابة غير القرآن.
1 / 1