كتابة السنة النبوية في عهد النبي ﷺ والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
والدليل على وجوب العمل بخبر الواحد ما يأتي:
أولًا: قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات:٦] .
والنبأ: هو الخبر، وهو نكرة في سياق الشرط فيعم كل خبر، ويدخل فيه الخبر الذي يتعلق بالرسول ﷺ قبل غيره، لأهميته، وقد أوجب الله تعالى التثبت فيه لوجود الفسق، فإذا انتفى هذا السبب بأن كان المخبر ثقةً عدلًا قبل الخبر من غير تثبت ولا توقف.
ثانيًا: ورد في السنة الشريفة، ما يدل على قبول خبر الواحد، من ذلك: أن النبي ﷺ قال: "نضَّر الله عبدًا سمع مقالتي ووعاها وأداها فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" (١) .
وفي هذا الحديث يدعو الرسول ﷺ لاستماع مقالته وأدائها، ويدعو بالنضرة للقائم بذلك. فيقول: "نضر الله عبدًا.." وفي رواية (امرءًا) وكل واحدة من الكلمتين بمعنى الواحد، والرسول ﷺ لا يأمر أن يؤدى عنه إلا الذي تقوم به الحجة، فدل ذلك على وجوب العمل بخبر الآحاد.
وقد تواتر عن الرسول ﷺ أنه كان يبعث بكتبه ورسله، ويلزم المسلمين العمل بالآحاد منها.
ثالثًا: إجماع الصحابة المستفاد من الوقائع الكثيرة التي كانت تحدث وتتواتر عنهم في العمل بخبر الواحد، وكثيرًا ما يكون لهم رأي في أمر من
_________
(١) تقدم تخريجه في ص ١٧
1 / 42