كتابة السنة النبوية في عهد النبي ﷺ والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
المراد -والله أعلم-أن الكتاب يبيِّن أمور الدين بالنص الذي ورد فيه، أو بالإحالة على السنة التي تولت بيانه، وإلا فلو لم يكن الأمر كذلك لتناقضت الآية مع قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل:٤٤] .
ثانيًا: وأما قوله تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام:٣٨] .
فالكتاب هو اللوح المحفوظ بدليل السياق. ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ [الأنعام:٣٨] .
وعلى تقدير أنه القرآن، فالمعنى يحتوي على كل أمور الدين، إما بالنص الصريح، وإما ببيان السنة له.
ثالثًا: وأما الحديث الذي نسبوه إلى النبي ﷺ:
فزعموا -حسب ادعائهم -أنه يفيد ضرورة عرض السنة على الكتاب، فقد قال فيه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "ما روى هذا أحد يَثْبُتُ حديثه في شيء صغر ولا كبر" (١) .
وذكر أئمة الحديث: أنه موضوع، وضعته الزنادقة (٢) . قال عبد الرحمن ابن مهدي: الزنادقة والخوارج وضعوا هذا الحديث، وهذه الألفاظ لا تصح عنه ﷺ عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم، وقالوا: نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شئ، ونعتمد على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله
_________
(١) الرسالة ص ٢٢٥
(٢) نُقل هذا عن يحيى بن معين. انظر عون المعبود (٨/١٥) ط دار الحديث بالقاهرة.
1 / 39